أطفال اليمن.. البحث عن الماء بديلاً عن الدراسة

يناير 29, 2024 - 01:33
يناير 29, 2024 - 01:42
 0  40
أطفال اليمن.. البحث عن الماء بديلاً عن الدراسة

خاص - سمر العريقي

يستيقظ الأطفال في كل مكان للذهاب إلى المدرسة بينما أنا استيقظ صباحاً وأتجهز للذهاب بحثاً عن الماء، هكذا تحدثت سارة ذات الأثنى عشر عاماً ولكن بلهجته التهامية لمنصة أطفال اليمن.

تسرد ساره معاناتها بألم بدا ظاهراً على وجهها وحشرجات صوتها معاناتها اليومية التي لا تتوقف، يحذوها شوق شديد لتعيش كبقية أطفال العالم في التعلم واكتساب مهارات جديدة تمكنه من مواجهة المستقبل عندما تصبح كبيرة كوالدتها حسب قولها.

تقول ساره وهي طفلة من أسرة تهامية في إحدى قرى جنوب محافظة الحديدة غرب اليمن: "استيقظ صباحاً، وتعمل أمي على تجهيز دبب الماء – أوعية تُعب بالماء – وأذهب على ظهر الحمار إلى بئر يبعد عن منزلنا مسافات طويلة لأنه لا يوجد في قريتنا بئر للماء".

وتضيف ساره أنه وعند وصولها إلى البئر تجد الكثير من أطفال ونساء القرى الأخرى  القريبة من قريتهم، الأمر الذي يضطرها إلى أخذ مكانها في الطابور الطويل وتحت أشعة الشمس الحارقة التي تعرف بها محافظة الحديدة ذات الطقس الحار.

تذكر ساره أنها تشعر بآلام شديدة في يدها اليمنى وفي جسدها بسبب حمل الماء على ظهر الحمار ونقلها بشكل شبه يومي، وأحياناً يكون عليها حمل بعضها بيديها حتى تتمكن من نقل أكبر كمية ممكنة لسد حاجات أسرتها.

وعند سؤالها عن مشاعرها وهي تقوم بهذه المهمة الشاقة أجابت ساره أنها تتمنى ان تنتهي هذه المهمة وأن تلتحق بالمدرسة كأطفال العالم الذين تراهم أحياناً عبر شاشات التلفاز، وأن لديها طموح لتكون امرأة مختلفة عندما تكبر.

أما والد ساره يقول أنه ينظر لأطفاله بحسره وهم يعيشون هذه المأساة القاسية لكن ظروف الحياة اجبرتهم على هذا، وأن الحرب أثقلت كاهلهم فليس لهم فيها ناقة ولا جمل حسب تعبيره، مضيفاً: جائت الحرب وزادت الطين بله، لا كهرباء ولا ماء، و غلاء في الأسعار والمساعدات لا تصل إلا بشكل محدود.

وأضاف : أذهب كل صباح للبحث عن عمل من أجل جمع (لقمة العيش لزوجتي وأبنائي)، وتقوم زوجتي وأطفالي بمن فيهم ساره للذهاب كلاًإالى مهمته لنعيش (مستورين الحال) وحتى لا تمتد أيدينا إلى أحد في ظل الحرب القاسية، مشيراً إلى أنه غير راضٍ بهذا الوضع ولكنه لا يستطيع تغييره.

يطالب والد ساره الجهات الخيرية والمنظمات الدولية للنظر إلى معاناتهم في قريتهم الواقعة جنوب مديرية حيس في محافظة الحديدة، وبذل الجهود للتخفيف عنهم بتوفير مشاريع خزانات المياه وتوصيلها إلى منازلهم "العشش"، وكذلك يطالب ببناء مدارس وتوفير إمكانيات استمرار التدريس حتى يتفرغ أبناءه وأبناء كل اليمن للدراسة وصنع مستقبل يختلف عن وضعهم الذي وصفه بالقاسي والمؤلم.

عدم الإلتحاق بالمدارس 

أظهرت نتائج مسح حكومي نفذه الجهاز اليمني المركزي للإحصاء بالتعاون مع منظمة اليونسيف التابعة للأمم المتحدة في كل أنحاء اليمن أن نصف أطفال البلاد لم يلتحقوا بالمدارس منذ بداية الحرب التي اشتعلت بسبب الإنقلاب الحوثي على السلطة في عام 2014، وأن نصف الملتحقين يتسربون من مراحل التعليم الأساسي والثانوي.

وذكرت نتائج المسح أنه ونتيجة الاضطراب الذي عطل التعليم - كان نصف الأطفال فقط في سن الالتحاق بالمدرسة مسجلين في الصف الأول الإبتدائي، في حين بلغ معدل إتمام الدراسة في المرحلة الأساسية 53 % فقط، و37 % للمرحلة الثانوية.

كما أظهرت البيانات التي جاءت وفق المسح العنقودي متعدد المؤشرات أن 6 فقط من كل 10 أفراد من أفراد الأسرة لديهم مياه شرب متوافرة بكميات كافية، و4 فقط من أصل 10 أفراد من أفراد الأسرة لديهم إمكانية الوصول إلى مصادر المياه داخل مبانيهم.

ويصنف اليمن اليوم ضمن البلدان الأكثر تاثراً بشح المياة حيث يعاني أكثر من نصف السكان من عدم القدرة للوصول إلى مياة الشرب وتأمينها.