قرية "اللصبة".. هِمَمُ الاطفال تتحدى الجبال بحثاً عن التعليم

يناير 8, 2025 - 17:13
فبراير 5, 2025 - 00:56
 0  27
قرية "اللصبة".. هِمَمُ الاطفال تتحدى الجبال بحثاً عن التعليم
أطفال قرية اللصبة أثناء توجههم الى المدرسة كل صباح

منصة اطفال اليمن - محيي الدين الشوتري


يكابد سليم ورفاقه الطريق الوعرة لساعات طويلة، فيما يظل القلق يساور أهاليهم طيلة تلك الساعات خوفا من مخاطر السقوط من تلك الجبال الشاهقة التي يسلكها ابناءهم حيث لا يمكن لهم الوصول الى مدرستهم غير تلك الطرق الخطرة.

فمع كل صباح تبدأ رحلة الطفل "سليم محمد محمود" البالغ من العمر 13 عاماً من قرية "اللصبة" التابعة لمديرية "المضاربة ورأس العارة" بمحافظة لحج جنوب اليمن، تبدأ رحلته نحو مدرسة عمرو بن العاص الواقعة في منطقة "ملبيه" على بعد 10 كيلو متر من منزله.

سليم ليس الطفل الوحيد الذي يشق رحلته اليومية نحو التعليم، فهو واحد من 30 طفل في قريته يعبرون هذه السلسلة الجبلية مشيا على الاقدام في طريق سيرهم نحو المدرسة حيث لا توجد أي طريق يمكن صالحة لسير المركبات عبرها وليس امامهم غير التسلق والصعود عبر تلك الجبال رغبة منهم في مواصلة تعليمهم. 

يقول سليم أن معاناتهم تظل طيلة مواسم الدراسة ففي الشتاء يعانون من شدة البرد ويتعرضون لنزلات البرد القاسية مما يتسبب لهم بالأمراض، بينما في الخريف تمتلئ "البرك المائية" نتيجة الأمطار مما قد يشكل خطراً عليهم، مشيراً الى أن الأمطار تتسبب في سيول جارفة خاصة أن الجبال التي يمرون عليها تتشكل منها سيول خطرة مما يضطر مع زملاءه الى عدم الذهاب الى المدرسة في بعض الأحيان.

أهالي سكان قرية اللصبة يشكون من عدم توفر مدرسة في منطقتهم وكذلك من انعدام كل المرافق الخدمية والصحية مما يضاعف معاناتهم ومعاناة أطفالهم.

وأكد أهالي القرية أنه وخلال الخمس السنوات الماضية اضطر 13 طفلا للتوقف عن التعلم والتسرب عن المدرسة بسبب بعد المسافة الى المدرسة ووعورة ومتاعب الطريق وخوف الأهالي على أبناءهم من السقوط من تلك الجبال السحيقة. 

أما الطفل "أحمد حميد المشولي" البالغ من العمر 12 عاما فقد عبر عن طموحه ورغبته في اكمال مشواره التعليمي من خلال انهاء المرحلة الثانوية ومواصلة الدراسة الجامعية برغم انعدام كل مقومات ذلك.

يقول الطفل أحمد: "كنا نأمل أن يتم تأسيس ولو فصول أولية في القرية من أجل أن يخفف عنا قطع هذه المسافات البعيدة والطرق الوعرة، وحتى تستطيع أجسامنا تحمل هذه المتاعب لكن لم يتحقق من ذلك شيء ولذا نحن مضطرون حبا في التعليم في الذهاب نحو المدرسة لما نراه من معاناة أهالينا من انعدام وجود معلم في المنطقة أو حتى ممرض يقول بمداوة المرضى من أهالي المنطقة".


تعامل خاص 
المدرس عادل المشولي يقول:" نتعامل نحن في مدرسة عمرو بن العاص مع أطفال قرية اللصبة بطريقة خاصة ونحاول التجاوز عنهم وتشجيعهم، فمثلاً يتم اعفاءهم من الطابور المدرسي الصباحي ونعطيهم بعض الامتيازات مقارنة بغيرهم من الطلاب حتى نبقي على رغبتهم في التعلم".

ويضيف المدرس عادل : " تتعامل مدرسة عمرو بن العاص والكادر التعليمي بشكل خاص مع طلاب منطقة اللصبة يأتي من شعور بالمسؤولية تجاههم خاصة أن معظم الطلاب السابقين لم يكملوا المرحلة الإعدادية بسبب الظروف الصعبة التي يواجهونها أثناء مجيئهم الى المدرسة كل صباح".

ويشير المشولي الى أنه "يوجد حالياً طلاب سيكملون مرحلة الإعدادية ونحن نريد الحفاظ عليهم ولدينا رغبة في ابقاءهم في المدرسة وليكملوا المرحلة الثانوية لأن ذلك سيكون لصالح منطقتهم بالكامل".

يؤكد المعلم المشولي أن الحل الناجع لتشجيع تعليم أطفال المنطقة يتمثل في تأسيس مدرسة أوليه للصفوف الثلاثة الدنيا في قريتهم واعتمادها ملحق لمدرسة عمرو بن العاص المدرسة الاقرب لهم كون هذه الطريقة سيشجع الاهالي على ارسال البراعم الى المدرسة في حال توفرها في قريتهم خاصة وأن البعض يتخوف من الاهالي من صعود أطفالهم في تلك الجبال الوعرة ولذا يفضلون بقاءهم في البيوت.

مناشدة
من جانبه يقول محمود المشولي وهو "عاقل المنطقة" أن النكران والاهمال يطال قريتهم ولذلك يشعرون بالغبن والظلم والحرمان سواء من المساعدات الانسانية من قبل المنظمات الإنسانية أو الخدمات التعليمية، مشراً الى أنهم محرومون من كل شيء وأن الجميع يشاهد معاناة أطفالنا أثناء سفرهم الطويل الى المدرسة التي تعتبر أبسط حقوهم.

وأخيراً يوجه العاقل محمود رسالته الى الجهات المعنية سواءاً الحكومية منها او المنظمات المهتمة بالأطفال بأن يلتفتوا إليهم ويقفوا الى جانبهم في بناء مدرسة ابتدائية وتوفير مستلزمات التعليم الأولي حتى يتمكن أبناءهم من الحصول على حق التعليم ومواكبة التعليم مثل مختلف المناطق.