مقتل الطفلة رهف وتعذيب الطفل رياف في ظروف غامضة هزت الحديدة

يوليو 20, 2025 - 15:59
 0  1115
مقتل الطفلة رهف وتعذيب الطفل رياف في ظروف غامضة هزت الحديدة

قصة للصحفي: محمد جمال الطياري 

في صباح الإثنين، الرابع عشر من يوليو الجاري، استقبل جميل عبادي، وهو والد الطفلين، اتصالًا هاتفيًا قلب كيانه وأفقده توازنه، كان المتصل والد زوجته، وجدّ أطفاله، يخبره بخبر صاعق: "بنتك ماتت فجأة".

لم يكن يتوقع الأب الذي كان حينها متواجدًا في مديرية الحداء بمحافظة ذمار، أن يتحول ذلك الصباح إلى نقطة تحوّل مأساوية في حياته، لم يحصل على أي تفاصيل إضافية، ولم يكن هناك تفسير للوفاة، ولا مؤشرات سابقة، فقط "ماتت فجأة".

رحلة إلى الحديدة

بدأت القصة قبل أسابيع من الوفاة، يقول والد رهف ورياف إنه متزوج من امرأتين، إحداهما تقيم في صنعاء وهي أم رهف ورياف، والأخرى في محافظة ذمار وبحسب حديثه، فقد طلب والد زوجته (جد الطفلين) في وقت سابق اصطحاب الطفلين إلى الحديدة لقضاء بضعة أيام مع العائلة هناك، كما جرت العادة في سنوات سابقة، حيث سبق أن قضى الأطفال أيام عيد العام الماضي في منزل جدهم وأكد الأب أنه وافق على ذلك، لثقته بعائلة زوجته، وأنه لم يُحدد وقتًا دقيقًا لعودة الأطفال من الحديدة.

تواصل مقطوع ووعود مؤجلة

يقول الأب إنه كان يتواصل مع أطفاله أحيانًا عبر خالهم "أمجد"، وأحيانًا أخرى عبر جدهم، إلا أن الردود كانت نادرة، وفي كثير من الأيام لم يتمكن من الحديث معهم نهائيًا، وهو ما بدأ يثير قلقه بشكل متزايد، في شهر يونيو، أخبره والد زوجته بأنه سيصطحب الطفلين إلى صنعاء، حيث كان من المفترض أن يشارك في دورة تدريبية، لكن عندما اقترب الموعد، أبلغه بأن حالته الصحية لا تسمح، وأن الدورة ألغيت لاحقًا، وعدوه بأن خال الطفلين "أمجد" سيعيدهما في الأسبوع التالي، غير أن ذلك لم يحدث، وكل مرة كان هناك تأجيل وتسويف ومماطلة في إعادة الطفلين إلى والدهما يقول: "كنت أشعر بشيء غير طبيعي، من وعد إلى وعد، لكن لم أتوقع أبدًا ما كان ينتظرني".

لحظة الانهيار: "بنتك ماتت فجأة"

في صباح الإثنين 14 يوليو، وفيما كان الأب لا يزال في الحداء، تلقى مكالمة من والد زوجته يقول: "قال لي بنتك ماتت فجأة، صلت الفجر وخرجناها الساعة 6، أكلت بسكويت وعصير، وبعدها شعرت بتعب، وأسعفناها إلى عيادة قالوا النبض ضعيف، ثم نقلناها إلى مستشفى الثورة وهناك توفيت".

لم يكن أمام الأب سوى التحرك فورًا إلى محافظة الحديدة وهناك، بدأت تتكشف له تفاصيل أكثر صدمة.

آثار تعذيب على جسد رياف

يقول الأب إنه فور وصوله منزل والد زوجته في الحديدة، طلب رؤية ابنه رياف، ليتلقى صدمة أخرى لم تقل قسوة عن الأولى "أول ما شفت ولدي، لاحظت آثار تعذيب في وجهه، في عينيه، في يديه، في رجليه. شفت حروف محفورة في قدمه، قلت للذين كانوا معي: أكيد بنتي ماتت بنفس الطريقة".

ويضيف "قلت لهم: هذه علامات واضحة، الطفل معذَّب، أكيد البنت تعرضت لما هو أشد".

بدأت شكوك الأب تتصاعد، لا سيما وأن هذه الآثار، على حد تعبيره، كانت ظاهرة وواضحة وغير مبررة، وهو ما دفعه للاعتقاد بأن ابنته رهف قد تكون تعرضت لتعذيب أفضى إلى وفاتها.

الصور التي لم يُسمح له بأخذها

بعد وصوله إلى قسم شرطة الرازقي، قال الأب إنه شاهد صورًا التُقطت لجثة ابنته رهف، وتظهر فيها ما وصفه بـ"آثار تعذيب واضحة" لكنه يؤكد أن المسؤولين في القسم رفضوا منحه نسخة من الصور وأبلغوه أن الصور ستُضم إلى ملف النيابة، وأنه يمكنه الاطلاع عليها لاحقًا فقط عبر المسار القانوني.

التحقيقات وعدم الإطلاع على أقوال المتهمين

يقول الأب إنه ذهب مع زوجته إلى قسم الشرطة لأخذ أقوالهم، لكنه لم يُطلع على محاضر التحقيق، لا الخاصة به، ولا المتعلقة بأقوال المتهمين "ما عرفنا شيء، أخذوا أقوالنا، لكن لم نرَ أي شيء بعد ذلك، التحقيق يسير ببطء، ولم يُعطونا تفاصيل".

خلفيات ثقافية ودوافع محتملة

ورغم عدم وجود خلافات ظاهرة بين الأب وعائلة زوجته، إلا أنه يقول إن أسرة الأم تؤمن بشكل مطلق بالسحر والشعوذة، وهو ما يراه أحد الدوافع المحتملة لما حدث يقول: "ما كان في بيننا أي مشاكل، أولادي يحبوا أمهم وأسرتها، لكنهم يؤمنوا بأشياء خطيرة، وهذا ممكن يكون له علاقة".

من هم الموقوفون؟

بحسب ما أكده والد الطفلين، فإن الأشخاص الذين تم التحفظ عليهم من قبل البحث الجنائي في الحديدة هم:

[س.س.ي.م] (جد الطفلين).

[ن.س.س.ي.م]

[ن.س.س.ي.م]

[أ.س.س.ي.م]

ووفقًا للأب – بأنهم كانوا المسؤولين المباشرين عن الأطفال أثناء إقامتهم في الحديدة.

بانتظار نتائج الطبيب الشرعي

حتى لحظة كتابة هذا التقرير، لا تزال نتائج تقرير الطبيب الشرعي غير معلنة، ولم يتم بعد تحديد السبب الرسمي للوفاة ويُعتبر هذا التقرير هو الفيصل في تأكيد ما إذا كانت وفاة رهف نتيجة عنف وتعذيب، أو بسبب مرض أو سبب آخر.

صرخة أب في وجه الصمت

يقول والد رهف ورياف إن كل ما يطلبه اليوم هو العدالة وأن تُكشف الحقيقة الكاملة لما جرى لطفلته ولابنه الذي ما زالت آثار التعذيب بادية على جسده "لا أريد سوى معرفة الحقيقة، لن أُصدر أحكامًا، لكن ما رأيته لا يمكن أن يكون طبيعيًا، وأرفض أن تموت ابنتي في صمت، وأن يُدفن معها حقها".