خلال 10 سنوات.. كيف وثّق فريق الخبراء تجنيد الأطفال باليمن؟
خلال 10 سنوات من الحرب في اليمن، كان الأطفال وقودها وأبرز ضحاياها. وما يزالون هدفاً للتعبئة والتحشيد للجبهات
منصة أطفال اليمن: تقرير خاص
خلال 9 سنوات من الحرب في اليمن، كان الأطفال وقودها وأبرز ضحاياها. وما يزالون هدفاً للتعبئة والتحشيد للجبهات. المئات منهم يساقون إلى الموت تباعاً، وآخرون يجهَّزون كقنابل موقوتة تهدد حاضر ومستقبل البلاد.
ترصد منصة "أطفال اليمن" في هذا التقرير خلاصة تحقيقات فريق الخبراء المعني باليمن، بشأن تجنيد الأطفال، والتي وردت ضمن 10 تقارير سنوية قدّمها الفريق إلى مجلس الأمن خلال الفترة من العام 2014 وحتى 2023.
تظهر هذه التقارير أن تجنيد الأطفال واستغلالهم بدأ منذ العام 2014، وما يزال مستمرًّا حتى الآن. وتحمّل كل الأطراف مسؤولية ذلك؛ وبالأكثر الحوثيين. وتشير إلى أن هذه الانتهاكات تشكّل تهديداً للأجيال اليمنية القادمة.
ظاهرة واسعة الانتشار
تصدّر ملف تجنيد الأطفال مضامين أوّل تقرير سنوي لفريق الخبراء الأممي، والذي قدمه إلى رئيس مجلس الأمن بتاريخ 20 فبراير 2015. وجاء في الفقرة (١٥6) منه أن "قوات الحوثي تجنّد الأطفال". ومن بين الأدلة التي جمعها الفريق صور لأطفال مسلحين مرتبطين بالحوثيين.
وطوال الفترة المشمولة بالتقرير، "تحققت الأمم المتحدة في اليمن من عدّة حوادث لأطفال يحملون أسلحة ويحرسون نقاط تفتيش. وأيضًا حالات موثقة لأطفال أصيبوا أثناء القتال أفادوا بأنهم مرتبطون بالحوثيين".
وبين 21 مايو و2 يوليو 2014، قال الفريق إن الحوثيين في عمران كانوا "يرغمون الأطفال على القتال، ويجبرون الأسر التي لا ترسل أطفالها للقتال على دفع 000 20 ريال يمني (نحو 93 دولار).
وتحدث عن وجود أطفال "في نقاط التفتيش التي تديرها القوات الحكومية".
وبعد استيلاء الحوثيين على صنعاء في سبتمبر، قال الفريق إن "جنودًا دون سن الـ18 يتولون حراسة نقاط تفتيش ويستقلون مركبات عسكرية تقوم بدوريات في المدينة. ويرتبط هؤلاء بالحوثيين ضمن اللجان الشعبية الحوثية".
وخلص إلى أن "تجنيد الأطفال واستخدامهم ظاهرة واسعة الانتشار، ولا تقتصر على الحوثيين. بل إن "الأطراف المدرجة أسماؤها، بسبب هذا الانتهاك الجسيم، في تقرير الأمين العام السنوي عن الأطفال والنزاع المسلح، تشمل الحوثيين وأنصار الشريعة والقوات الحكومية والميليشيات الموالية للحكومة".
في مايو 2014، وقّعت الحكومة اليمنية على خطة عمل لإنهاء تجنيد الأطفال واستخدامهم. ورغم التقلب المتزايد في الوضع السياسي والأمني، واصلت الأمم المتحدة العمل أيضًا مع الحوثيين بشأن خطة عمل مماثلة.
الأطفال ثلث المقاتلين
في تقريره الثاني الموجه إلى مجلس الأمن بتاريخ 22 يناير 2016، حلل فريق الخبراء الآثار المتداخلة للنزاع في اليمن على الأطفال والنساء. كاشفاً عن "تزايد المشاكل المتعلقة بالحماية، بما فيها الاستغلال والاعتداء الجنسيين، وتحفيز التجنيد القسري".
وقال في الفقرة (152) إن "النزاع أثّر على الأطفال، بما في ذلك المعلومات المتعلقة بالانتهاكات الجسيمة الستة ضد الأطفال خلال النزاع المسلح، والتي أوردها مجلس الأمن في قراراته، وتشمل تجنيد الأطفال أو استخدامهم كجنود.
وذكر أن زهاء 4 ملايين طفل يُواجه أخطارًا جسيمة تهدد سلامتهم وحياتهم مع تصاعد حدة العنف وعدم الاستقرار... مؤكداً "تعرض الأطفال للتشويه والقتل على أيدي القناصة، سواء لوجودهم بمرمى النيران المتبادلة أو جراء التعذيب أو بحوادث متعلقة بتجنيد الأطفال.
وحول التجنيد، قال: ترتبط مشكلة ندرة الغذاء وانعدام الأمن الاقتصادي ارتباطًا مباشرًا بتجنيد الأطفال من جانب الجماعات المسلحة. فالأُسر في اليمن تحصل على حوافز مالية نظير إشراك أطفالها". مضيفاً أن "الأيتام معرضون لخطر التجنيد أكثر من غيرهم نتيجةً لافتقارهم إلى الغذاء والسلامة والأمن".
وتوصّل الفريق إلى إن "نحو ثلث المقاتلين في اليمن لم يبلغوا بعد سن الـ18".
وبشأن المسؤولية، قال فريق الخبراء: لئن كانت قوات الحوثيين وصالح مسؤولة عن الغالبية العظمى من الحالات، فإن مقاتلي المقاومة أيضًا يجنّدون الأطفال".
وعن أعداد الأطفال المجندين، أوضح أنه لا يُعرف العدد الدقيق "ولكنه يُقدر بعدة آلاف من الأطفال ويُعتقد أنه ارتفع منذ مارس 2015".
تجنيد ممنهج
في تقريره التالي المقدم إلى مجلس الأمن في 27 يناير 2017، أكد فريق الخبراء استمرار كل الأطراف بتجنيدَ الأطفال واستخدامهم في النزاع.
وذكر أن التحالف الذي تقوده السعودية قدم له قائمةً تضم 52 طفلاً، وأتاح له فرصة لقاء "أطفال يُزعم أنهم جنود جنّدهم الحوثيون". مضيفاً أن السعودية أبلغته أنها سلّمت هؤلاء الأطفال في وقت لاحق إلى الحكومة الشرعية وأنهم نُقلوا إلى مأرب.
في الفقرة (147) قال الفريق الأممي إنه حقق في حالة "تتعلق بطفل عمره 16 سنة ألقت قوات الحوثي القبض عليه، وتعرض لتعذيب شديد وللتشويه بشبهة أنه مقاتل".
ومن الاستنتاجات المتكررة التي توصلت إليها الأمم المتحدة بشأن تجنيد الأطفال واستخدامهم فإن "قيادات قوات الحوثي وصالح على علم بهذه الانتهاكات وأنها لم تتخذ تدابير فعالة لمنع وقوعها"، وفق الفريق الأممي.
مشكلة أكبر
وفي التقرير النهائي التالي الموجهة إلى مجلس الأمن في 26 يناير 2018، قال الفريق الأممي إنه حقق مع الأفراد والشبكات الذين يعملون في تجنيد الأطفال. وحدد "اثنين من الأفراد الذين جندوا 5 أطفال باسم الحوثيين".
واستنادًا إلى تحليله الذي أجراه خلال العام الماضي، يرى فريق الخبراء أن "هذه الحالات تمثل مشكلة أكبر بكثير".
وأورد الفريق في الفقرة (١٨٦) عوامل قال إنها تسهم في زيادة تجنيد الأطفال وهي:
(أ) عدم دفع المرتبات ينتج عنه إجبار الأطفال على البحث عن بدائل اقتصادية من أجل أسرهم: دفعت قوات الحوثيين- صالح إلى الأطفال الذين جندتهم مؤخرًا حوالي ٠٠٠ ١٥ إلى ٠٠٠ ٢٠ ريـال شهريًا (٦٠ إلى ٨٠ دولارا)؛
(ب) تعطيل التعليم يجعل الأطفال عرضة للتجنيد في الشارع؛
(ج) نظرًا لأن الأسر لا تزال تعيش في مناطق تسيطر عليها قوات الحوثيين- صالح، فإنها تخشى المجاهرة برفض هذا التجنيد، وهو ما يسمح للتجنيد بأن يستمر دون أن يتصدى له أحد؛
(د) بالنسبة للآباء والأمهات الميسورين، فإن إغلاق المطار والقيود المفروضة على التأشيرات تجعلهم لا يستطيعون إرسال أطفالهم إلى خارج البلد من أجل حمايتهم.
أدوات التجنيد
كسابقيه، تناول تقرير فريق الخبراء المقدم إلى مجلس الأمن في 25 يناير 2019، عمليات تجنيد الأطفال في صفوف الحوثيين.
وأوضح في الفقرة (67) أن هذه العمليات "تتم في المقام الأول على يد مشرفين على مستوى المجتمع المحلي، يقنعون الشبان- بعضهم في سن الـ16، ومعظمهم من 18 إلى 22 سنة- بالانضمام إلى قوات الحوثيين".
ولاحظ الفريق، أن "معظم المجندين من المناطق الريفية لم يكملوا التعليم الابتدائي، وأن معظمهم أميون وظيفيًا".
وكشف الفريق عن تلقّيه "معلومات عن حالتين من حالات تجنيد الأطفال قامت بهما قوات حوثية، وقائمة بأسماء 31 طفلا يُزعَم أن قوات مرتبطة بالحكومة قامت بتجنيدهم".
وقال إنه لم يتمكن من "تجميع دراسات حالات إفرادية" بسبب صعوبات الحصول على الأدلة المباشرة، ولضرورة حماية الضحايا وإحجام الأُسَر عن التواصل مع الفريق أو المنظمات غير الحكومية بشأن مسألة تجنيد الأطفال.
وأضاف: ينبغي ألا يُعتبَر الافتقار إلى دراسات حالات إفرادية محددة بهذا التقرير دليلًا على أن تجنيد الأطفال ليس منتشرًا في اليمن. لافتاً إلى تقرير سابق أبلغ عن ٨٤٢ حالة تجنيد أطفال جرى التحقق منها.
استحكام استخدام الأطفال في القتال
وفي تقريره التالي الذي قدمه لمجلس الأمن في 27 يناير 2020، كشف فريق الخبراء عن تلقيه معلومات حول استحكام استخدام الأطفال في الأنشطة المتصلة بالقتال.
وقال إنه وثّق "ثلاث حالات لأطفال أعمارهم بين 12 و15 عامًا استخدمهم الحوثيون في القتال عامي 2017 و2018. وفي حالتين، تم الاختطاف إما من المنزل أو من المدرسة. وفي الأخرى، استدرج الحوثيون الطفل بعيدًا عن بيته بعد أن أغووه بالمشاركة في مخيم تثقيفي لمدة ثلاثة أيام.
وأضاف: أُرسل الأطفال الثلاثة إلى معسكر تدريبي قضوا فيه 3 إلى 4 أشهر، حيث تلقوا محاضرات عن الأيديولوجيا والجهاد، وتم تدريبهم على استخدام الأسلحة الصغيرة. وفيما بعد، أرسلوا إلى خطوط الجبهة على الحدود بين تعز والحديدة أو في مأرب، وأجبروا على الاضطلاع بمهام شتى، بما فيها القتال.
وتابع: أفادوا بأنهم عانوا ظروفًا صعبة، بما في ذلك تعرضهم للضرب، ولم يكن يسمح لهم بزيارة أسرهم. ولم يحصل أحد منهم على مبلغ مالي أو على مرتب.
وإلى ذلك، كشف الفريق عن تلقيه أيضًا شهادات عن "أطفال يجري تدريبهم ب مدينة الصالح، تعز، التي هي مركز حوثي وسجن".
استغلال وحرمان
ولا يختلف الأمر كثيراً في السنة التالية، حيث أكّد فريق الخبراء في تقريره المقدم إلى مجلس الأمن في 22 يناير 2021، استمرار الحوثيين في تجنيد الأطفال.
وذكر في الفقرة (149) أنه زار مركزًا في مارب لإعادة تأهيل الأطفال المتضررين من النزاع. وهو المركز الوحيد من نوعه في اليمن، ويقدم الدعم فقط للفتيان. ويُقدم البرنامج الذي مدته 75 يوماً إلى مجموعات تتكون من 25 طفلاً يتم اختيارهم من السكان المشردين داخليًا.
وقال إن المركز استضاف، بين ديسمبر 2019 وفبراير 2020، 20 طفلاً أعمارهم بين 12 و16 عاماً كانت قوات الحوثيين قد جندتهم في صعدة وعمران وإب وتعز وصنعاء وحجة وريمة وذمار.
وأضاف: استخدم الحوثيون هؤلاء لجلب الإمدادات إلى المقاتلين، وكان بعضهم يشارك مباشرة في القتال. ولم يكن جميعهم يتلقون مرتبًا أثناء عملهم لدى الحوثيين.
وإلى ذلك، قال فريق الخبراء إنه أُبلغ خلال اجتماع مع وزير الدفاع، بأن القوات المسلحة اليمنية عثرت منذ يناير (2020) على نحو 200 طفل في ساحة المعركة، بينهم 13 طفلًا عُثر عليهم بمأرب في أكتوبر. مضيفاً أن "معظمهم أُعيد إلى أسرهم وأحيل بعضهم إلى منظمات غير حكومية".
وكشف الفريق الأممي عن تلقيه معلومات عن بعض الأطفال الذين يشتبه أنهم يعملون لصالح الحوثيين، والذين احتجزوا بين عامي 2018 و2020 في مأرب. مضيفاً أنه "خلال فترة وجودهم في السجن، تعرض بعضهم للضرب وتعرض طفل واحد على الأقل للاعتداء الجنسي". موضحاً حينها أنه يواصل التحقيق في "المسألة".
كما كشف عن تلقيه "معلومات عن 75 طفلاً أعمارهم بين 12 و17 عاماً جندهم الحوثيون وقتلوا في المعركة عام 2020 في عمران والبيضاء وذمار وحجة والجوف والمحويت ومأرب وصعدة".
وأيضاً معلومات عن تجنيد أطفال من جانب قوات الأمن الخاصة بشبوة، إلا أن الحكومة نفت هذه "الادعاءات".
تجنيد ممنهج
في تقريره السنوي التالي المقدم إلى مجلس الأمن بتاريخ 21 فبراير 2023، تناول فريق الخبراء استمرار الحوثيين فيما أسماه "حملة التلقين العقائدي للأطفال وتجنيدهم واستخدامهم في قواتهم، بما في ذلك كمقاتلين".
وقال إن هذا "يتعارض مع التزاماتهم القانونية وخطة العمل الموقعة مع الأمم المتحدة في أبريل 2022 لمنع وإنهاء التجنيد وغيره من الانتهاكات الجسيمة المرتكبة ضد الأطفال".
وشدد على ضرورة "احترام معايير القانون الدولي لحقوق الإنسان من جانب الحوثيين وغيرهم من الجماعات المسلحة الذين يمارسون سيطرة فعلية على الأراضي والسكان باليمن". وقال إنه يرصد "انتهاكات تلك المعايير".
وخلص الفريق إلى أن "انتهاكات القانون الدولي الإنساني والقانون الدولي لحقوق الإنسان ظلت واسعة النطاق ومنهجية خلال الفترة المشمولة بالتقرير. وشملت تجنيد الأطفال واستخدامهم في النزاع المسلح.
وقال إنه أبلغ مجلس الأمن بأن الحوثيين يشنون حملة منهجية للتلقين العقائدي لضمان التزام السكان بأيديولوجيتهم القائمة على الكراهية والعنف ولتأمين الدعم الشعبي لقضيتهم وجهودهم العسكرية.
وشمل ذلك تنظيم مخيمات صيفية ودورات ثقافية للأطفال والكبار، واستخدام المناهج التي فرضها الحوثيون، وتعريض الأطفال الذين لا تتجاوز أعمارهم 10 سنوات للتدريب العسكري والمشاركة في الأعمال العدائية.
وقال في الفقرة (96) إنه وجد أن "الحوثيين يواصلون التلقين العقائدي، والتجنيد، وفي بعض الحالات، التدريب العسكري للأطفال في المخيمات الصيفية، لا سيما في محافظتي صنعاء والحديدة، واستخدام الأطفال كمقاتلين".
واستغرب فريق الخبراء، حدوث هذه الانتهاكات رغم توقيع الحوثيين خطة عمل مع الأمم المتحدة في 18 أبريل 2022 للقيام في جملة أمور بإنهاء ومنع تجنيد الأطفال واستخدامهم في قواتهم.
وبيّن أن التحقيق الذي أجراه أظهر أن "تجنيد الأطفال من جانب الحوثيين اتبع نفس الاتجاهات والأساليب الموثقة في التقريرين السابقين. حيث يقوم المشرفون الحوثيون بتجنيد الأطفال، ومعظمهم أعمارهم من 13 إلى 17 عاما، من خلال الإكراه وتهديد الآباء والمعلمين؛ وتقديم الإغراءات المادية والوعود بالاستشهاد للأطفال؛ وتسجيلهم في الدورات الثقافية والدينية استنادًا إلى الأيديولوجيا الحوثية.
وقال إنه جمع معلومات وأدلة توثق هذا الانتهاك الجسيم ضد الأطفال. كما شاهد مواد فوتوغرافية ومحتويات فيديو نشرها الحوثيون على الإنترنت، يظهر بعضها أطفالا يحملون أسلحة ويشاركون في أنشطة ذات طابع عسكري في المخيمات الصيفية تحت إشراف قادة الحوثيين.
وكشف الفريق عن تلقيه قائمة تضم 201 1 طفلًا جنّدهم الحوثيون ودربوهم بين 1 يوليو 2021 و31 أغسطس 2022.
استراتيجية التعبئة والتجنيد
في تقريره السنوي المقدم لمجلس الأمن في 25 يناير 2022، كشف فريق الخبراء المعني باليمن، عن تلقيه "قائمة بأسماء 406 1 أطفال جنّدهم الحوثيون ولقوا حتفهم في ساحات المعارك في عام 2020. وقائمة أخرى تضم 562 طفلاً جنّدهم الحوثيون وقتلوا في المعارك في الفترة بين يناير ومايو 2021.
موضحاً أن أعمار هؤلاء الأطفال تتراوح بين 10 سنوات و17 سنة، وأن عددًا كبيرًا منهم قتلوا في عمران وذمار وحجة والحديدة وإب وصعدة وصنعاء.
وأضاف الفريق أن المخيمات الصيفية والدورات الثقافية "التي تستهدف الأطفال والبالغين تشكل جزءً من استراتيجية الحوثيين الرامية إلى كسب الدعم لأيديولوجيتهم وتشجيع الناس على الانضمام إلى القتال وتحفيز القوات".
وقال الفريق الأممي إنه أجرى "تحقيقات في بعض المخيمات الصيفية في المدارس وفي أحد المساجد، التي يستخدمها الحوثيون لنشر أيديولوجيتهم لدى الأطفال، وتشجيعهم على القتال، وتوفير التدريب العسكري الأساسي لهم أو تجنيدهم للقتال. وفي حد المخيمات كان الأطفال الذين لا تتجاوز أعمارهم 7 سنوات يتعلمون تنظيف الأسلحة وتفادي الصواريخ".
مضيفاً أنه وثّق أيضاً "حالة ارتكب فيها عنف جنسي ضد طفل خضع لتدريب عسكري".
وكشف فريق الخبراء عن تلقيه معلومات حول "10 حالات اقتيد فيها أطفال للقتال بذريعة أنهم سيلتحقون بدورات ثقافية أو أخذوا من تلك الدورات إلى ساحات المعارك".
كما وثّق 9 حالات قدمت فيها أو منعت مساعدات إنسانية إلى عائلات فقط على أساس ما إذا كان أطفالها يشاركون في القتال.
وحمّل فريق الخبراء "اللواء محمد العاطفي، بصفته وزيراً للدفاع مسؤولية ضمان عدم تجنيد الأطفال في صفوف قوات الحوثيين.
محمّلاً "يحيى الحوثي بصفته وزيراً للتعليم، أيضاً مسؤولية ضمان عدم استخدام المدارس والمخيمات الصيفية للترويج للعنف والكراهية وتغذية نزعة التطرف أو تجنيد الأطفال".
تهديد للسلام
وفي تقريره الأخير (قدمه لمجلس الأمن في 2 نوفمبر 2023)، قال فريق الخبراء إنه وثق عدّة حالات انتهاك شملت تجنيد الأطفال واستخدامهم.
ونسب الفريق معظم الانتهاكات التي حقق فيها إلى الحوثيين، مؤكّداً استمرارهم في "تجنيد الأطفال واستخدامهم، لا سيما في سياق المعسكرات الصيفية، بنسب مثيرة للقلق".
وعبّر عن قلقه الشديد من إدخال الحوثيين "تغييرات جديدة على المناهج المدرسية في ظل انتشار محتوى يركز على الكراهية، والعنف والتلقين العسكري".
وأشار، في الفقرة (7) من التقرير، إلى أن الانتهاكات المستمرة للقانون الدولي الإنساني والقانون الدولي لحقوق الإنسان التي ترتكبها أطراف النزاع تؤدي إلى "نشوء بيئة يسودها تطبيع العنف وينتشر فيها الإفلات من العقاب".
وقال إن "العنف الجنسي والجنساني، وتجنيد الأطفال واستخدامهم، والاحتجاز التعسفي والتعذيب الممنهج يشكل بعضًا من التهديديات الكبرى التي تواجه السلام والأمن في اليمن.
وبرأي الفريق فإن "احتمالات تحقيق السلام المستدام ستكون محدودة للغاية دون وجود نظام قوي للمساءلة والعدالة في البلد".
وقال إنه وثّق "مجموعة واسعة من انتهاكات حقوق الأطفال المتعلقة بالنزاع التي ارتكبتها أطراف النزاع، والتي تثير القلق بشكل خاص، بالنظر إلى التأثير الذي لا يمحى لهذه الانتهاكات على الأجيال اليمنية المقبلة".
وأوضح أن التغييرات التي أُدخلت مؤخرًا على المناهج التعليمية، وحملة التلقين المنهجية لضمان التزام السكان بإيديولوجية الحوثيين تؤدي إلى تغذية بيئة قائمة على الكراهية، والعنف والتمييز، مع عنصر عسكري أساسي، وكلها تقوض بشدة السلام، والأمن والاستقرار في اليمن.
وقال إنه تحقق من "اتجاه متزايد لإخضاع الأطفال للدعاية والتدريب العسكريين، لا سيما في سياق المخيمات الصيفية، التي أفادت التقارير أنها ضمت في عام 2023 أكثر من مليون طفل يمني يعيشون بالمناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين.
وقال: في حين يُزعم أن الحوثيين اتخذوا خطوات إيجابية عند توقيع خطة عمل مع الأمم المتحدة في أبريل 2022 لإنهاء هذا الانتهاك ومنعه، تظهر الأدلة التي تم جمعها اتجاهًا معاكسًا.
وتطرق إلى المخيمات الصيفية التي أقامها الحوثيون بين مايو ويونيو 2023 في 9 محافظات. مبيّناً أنها جاءت وفق ثلاث طرائق: (أ) مخيمات مفتوحة، للفتيان والفتيات الذين أعمارهم بين 6 سنوات و12 سنة؛ (ب) مخيمات نموذجية للفتيان والفتيات الذين أعمارهم بين 6 سنوات و17 سنة؛ و(ج) مخيمات صيفية (سكنية) مغلقة، حيث يقضي الفتيان الذين أعمارهم بين 13 سنة و17 سنة ما بين 30 و45 يوما دون العودة إلى ديارهم. ولا يسمح لغير المعلمين بالوصول إلى مراكز الإقامة، التي يجري فيها التدريب العسكري.
وقال إنه وثّق "أطفالًا لا تتجاوز أعمارهم 10 سنوات يخضعون للتدريب العسكري. ويقدم الحوثيون حوافز نقدية للحض على رفع معدل الحضور في المخيمات الصيفية، من خلال الإعفاء من رسوم التسجيل للعام الدراسي التالي".
وأضاف: وكثيرًا ما يجند الأطفال عن طريق الإكراه وتهديد أسرهم. كاشفاً عن تلقيه تقارير موثوقة توضح أن "العائلات التي تعيش في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين والتي ترفض إرسال أطفالها للانضمام إلى الحوثيين أو التي لا تؤيد علنًا إيديولوجية الحوثيين تتعرض للانتقام".
وتشمل أوجه الانتقام شطب اسم الأسرة من قوائم المستفيدين الذين يحق لهم الحصول على المساعدة الإنسانية، واختطاف واحتجاز الأطفال المعنيين، الذين يتعرضون لأشكال مختلفة من سوء المعاملة، بما فيها العنف الجنسي. وبحالات أخرى، يؤخذ الأطفال قسرًا إلى المخيمات الصيفية المغلقة ثم يرسلون بعد ذلك إلى الجبهات، وفق الفريق.
وأوصى فريق الخبراء، مجلس الأمن بإدراج عناصر العدالة الانتقالية لحماية الأطفال. موصياً بأن يدعو الحوثيين إلى الالتزام بالقانون الدولي لحقوق الإنسان والقانون الدولي الإنساني، ولا سيما اتفاقية حقوق الطفل.