ماهر والتسرب الدراسي.. صورة لمعاناة أطفال اليمن

فبراير 19, 2024 - 01:43
 0  53
ماهر والتسرب الدراسي.. صورة لمعاناة أطفال اليمن

سمر العريقي – خاص لمنصة أطفال اليمن 

يقول ماهر عبدالله ذات الـ14 عاماً انه يذهب الى العمل يوميا ليساعد والده في مصاريف البيت لأنه وجد عائلته أمام خطر الجوع والفقر دون تدخل أحد لمساعدتهم أو الوقوف بجانبهم.

يتحدث ماهر لمنصة أطفال اليمن قائلاً: "استيقظ من نومي وأحمل شنطتي على ظهري، لكن لا يوجد فيها كتب ودفاتر للدراسة ولكنها حقيبة ثقيلة، فأنا أحمل حقيبة مليئة بالماء، أمشي في الشارع وأرى الأطفال من حولي يلبسون ثياب المدرسة وأمشي معهم الى مكان محدد وأذهب الى عملي في الجولات والطرقات لبيع الماء وهم يذهبون الى مدارسهم".

ماهر.. الطفل الذي أضطر الى النزوح مع أسرته المكونة من خمسة أفراد الى محافظة عدن ووجد نفسه تحت ظروف الحرب القاسية التي لم تراعي حقه في العيش بأمان وحقه في الإلتحاق باحدى المدارس.

يسرد عبدالله والد ماهر معاناته مع النزوح الى عدن هروباً من الحرب القاسية التي غيرت حياته وحياة أسرته، متحسراً على مستقبل أبناءه الذي لم يكن يتوقعه حسب قوله.

يقول عبدالله :" كنت أعمل معلماً وكان الراتب يسد حاجتي، نوعاً ما، ويساعدني في توفير معظم حاجيات أسرتي لكن فجأة وجدت نفسي بدون راتب وبدون منزل آمن، كنت أدَرس الطلاب وأحاول أن أوجه طاقتهم واهتماماتهم الى المستقبل ،علمتهم أن الدراسة هي الأداة الأجمل لصنع مستقبل يليق بهم وبطموحاتهم لكني وجدت نفسي عاجزاً أن أقول هذا الكلام لأبنائي لأن الظروف غيرت كل شيء.

الحرب هي السبب

يتابع والد ماهر حديثه حول التغيرات التي حصلت وأدت الى تسرب أبنائه من المدارس قائلاً: " انتقلت للنزوح الى عدن بسبب الحرب ولم أجد ما يمكنني من استئجار منزل يؤوي زوجتي وأطفالي الصغار، فقررت العمل على دراجة نارية، مستأجرة، في شوارع عدن إلا أن ما أجنيه لا يكفيني حتى لتوفير الطعام لهم فكيف بتوفير مستلزمات الدراسة".

عبدالله يُرجع السبب في ما حصل الى الحرب التي حولت حياته الى الجحيم حسب وصفه، ويتحدث عن اطفاله بحسرةٍ بقوله: "وجد ابني ماهر نفسه مسؤولاً عن نفسه في عمرٍ لم أكن يوماً أتوقع أن يتحمل فيه أحد طلابي الصغار أن يتولوا فيه مسؤولية أسرهم والبحث عن عمل لمساعدة آبائهم في توفير المسكن والطعام والشراب".

اما ماهر فعبر عن رغبته بشكل صريح وقال "أريد العودة الى المدرسة والجلوس بين الأطفال في فصول المدرسة، أريد  أن أكون مثل زملائي من الجيران وأن يكون لدي حقيبة دراسية وأحمل الكتب والدفاتر فيها، لكني لا استطيع فأنا لا أريد أن أرى أمي وأبي وإخوتي الصغار يحتاجون الى الأكل والشراب في الوقت الذي استطيع فيه الذهاب الى الجولات وأبيع فيه الماء للمسافرين والمراين بسياراتهم".

يقول ماهر أنه يجني في اليوم ما يقارب 2000 ريال يمني، أي ما يعادل الدولار والنصف وهو مبلغ زهيد لا يكفي لشيء ، الا أن ماهر يراه معيناً لأسرته ويسد ولو جزءاً يسيراً من متطلبات منزله وبهذا يكون مرتاح الضمير حسب ما ظهر من كلامه.

الحرب هي السبب، هكذا تحدث ماهر، هربنا من منزلنا وتشردنا، كنت سأكمل دراستي مثل أطفال العالم لكن الحرب حرمتني من حقي وجعلتني ألاحق السيارات والناس في الجولات والشوارع لأقنعهم بالشراء مني لأعود الى أبي ولدي "فلوس" أساعده بها.


زيادة التسرب الدراسي 

يؤكد الصندوق الاجتماعي للتنمية عبر منصة "X" في أحدث إحصائيات له أن مليونا طفل يمني تسربوا من التعليم، بزيادة نحو نصف مليون منذ عام 2015 بسبب ضعف البنية التحتية ونقص المعلمين.

كما يؤكد الصندوق أنه واجه هذه الأزمة بتوظيف آلاف المعلمين وإنشاء وترميم وتجهيز 234 مدرسة تحوي 1,660 فصلا دراسيا مع المرفقات والتجهيز، استفاد منها 100 ألف طالب وطالبة حسب قوله.

وكانت منظمة "إنقاذ الطفولة" قد قالت في وقت سابق بمناسبة اليوم العالمي للتعليم الذي يصادف الـ 24 من يناير/ كانون الثاني من كل عام، إنه "في الوقت الحالي، يحتاج 8.6 مليون طفل (80 في المئة من جميع الأطفال في سن المدرسة) إلى المساعدة التعليمية".

وأضافت المنظمة: "مع تضرر أو تدمير أكثر من 2783 مدرسة وعدم دفع رواتب المعلمين لما يقرب من ثمانية أعوام، أصبح الحصول على التعليم أكثر صعوبة".

وتابعت: "التعليم هو شريان الحياة للأطفال أثناء حالات الطوارئ. إنه يوفر الاستقرار والأمان والأمل في مستقبل أفضل، ومع ذلك، في اليمن يتسرب الطلاب من المدرسة بمعدل ينذر بالخطر".

أما فريق خبراء الأمم المتحدة البارزين الدوليين والإقليميين بشأن اليمن الصادر في أيلول/ سبتمبر 2021، فقد اتهم أطراف الصراع في اليمن باستخدام المدارس لأغراض عسكرية ما يجعلها أهدافا معرضة للهجوم.

وسيبقى الأطفال يواجهون خطر التسرب الدراسي مالم تتوقف الحرب وتخرج القوات من كل أطراف الصراع في اليمن من المدارس والمنشئات التعليمية ويعود الطلاب الى مدارسهم بأمان، وكذلك تسليم رواتب المعلمين المنقطعة منذ سنوات وطباعة المناهج المدرسية البعيدة عن التطرف والتدخل الطائفي الذي طرأ مؤخراً في أجزاء من شمال اليمن.