"دخل على قدميه وخرج مشلولا.. مأساة طفل يمني تكشف كارثة الأخطاء الطبية في اليمن"

يونيو 4, 2025 - 21:58
يونيو 4, 2025 - 21:59
 0  26
"دخل على قدميه وخرج مشلولا.. مأساة طفل يمني تكشف كارثة الأخطاء الطبية في اليمن"

تقرير: حمدان السبئي

"دخل غرفة العمليات على قدميه وخرج منها متشنجا لا يعي من حوله"، بهذه الكلمات يلخص والد الطفل حسن بسام، ذو العامين والنصف، ما حدث لابنه في مستشفى الثورة بالعاصمة صنعاء مطلع يناير 2025

الطفل الذي كان يعيش حياته بشكل طبيعي قبل أسابيع، أصبح اليوم حبيس جلسات علاج طبيعي وتأهيل دماغي مكثف، في محاولة لاستعادة ولو جزء من قدراته التي فقدها في لحظات داخل غرفة العمليات.

ورغم حجم المأساة، تخوض الأسرة معركتها وحدها، دون دعم طبي أو محاسبة للمسؤولين عن هذه الكارثة.

يقول الأب: "قالوا إنها مضاعفات مؤقتة ستزول خلال أيام، لكن حسن بقي في غيبوبة شهرا كاملا، ومنذ أن استيقظ وهو عاجز عن الحركة والكلام".

فبحسب والده، تعرض الطفل لجرعة زائدة من المخدر أدت إلى توقف قلبه أثناء العملية.

كان من المفترض أن يخضع حسن لعملية تجميلية بسيطة لمعالجة تشوه خلقي طفيف، لكن خطأ طبيا فادحا قلب حياة أسرته رأسا على عقب.

الأخطاء الطبية.. خطر دائم على الأطفال

يبرز التساؤل حول حجم الكارثة التي تسبب بها الأخطاء الطبية خصوصاً للأطفال وتبعاتها المأساوية على الطفل والأسرة والمجتمع.

 الدكتور غمدان الحاج، أخصائي طب الأطفال، أن الأطفال أكثر الفئات عرضة للأخطاء الطبية، خاصة في البيئات الصحية التي تعاني من ضعف الإمكانيات مثل اليمن

وتتنوع هذه الأخطاء، بدءا من جرعات الأدوية الخاطئة، إلى التشخيص غير الدقيق، وانتهاء بالأخطاء الجراحية مثل التخدير غير المناسب أو إجراء عمليات في مواضع خاطئة كما يضاف إلى ذلك إغفال الحساسية الدوائية وسوء المتابعة في أقسام العناية المركزة، وخصوصا في أقسام الخدج وحديثي الولادة.

نقص الخبرة والبنية التحتية يزيدان المأساة.

يوضح الدكتور أمين فيصل أن الكثير من مقدمي الرعاية الصحية في اليمن يفتقرون للتدريب المتخصص في طب الأطفال، مما يزيد من احتمالات الوقوع في أخطاء فادحة. كما أن نقص الأجهزة والمستلزمات، والاعتماد شبه الكامل على التشخيص السريري في ظل ازدحام المستشفيات، يزيد من تعقيد الحالات.

ويؤكد أن غياب أنظمة السلامة الطبية، وعدم وجود برامج فعالة للإبلاغ عن الأخطاء أو رقابتها، يجعل من وقوع الأخطاء الطبية أمرًا متكررا يصعب تتبعه أو محاسبة مرتكبيه

رعاية الأطفال... بين التحدي والتجاهل

يشير الدكتور غمدان إلى أن رعاية الأطفال تختلف جوهريا عن البالغين، سواء من حيث التكوين الفسيولوجي أو طرق الاستجابة للأدوية، مما يستدعي تعاملا دقيقا يتناسب مع هذه الخصوصية.

ويضيف أن الأطفال، نظرا لهشاشتهم الصحية وضعف أجهزتهم المناعية والعصبية، أكثر عرضة لتداعيات الأخطاء الطبية، في وقت تفتقر فيه المنشآت الصحية في اليمن خصوصا الريفية منها، إلى الحد الأدنى من الكوادر والأجهزة اللازمة للتعامل مع حالاتهم.

غياب المساءلة سبب لاستمرار المعاناة

وزارة الصحة العامة والسكان هي الجهة الرسمية المسؤولة عن الرقابة على أداء المستشفيات، لكنها تعاني من محدودية في الموارد وضعف في الإمكانيات، إلى جانب غياب هيئة مستقلة للتحقيق في الأخطاء الطبية.

وبالتالي، تبقى أسر الضحايا، كأسرة حسن بلا إنصاف، فيما تتكرر الأخطاء دون حسيب أو رقيب، ويتحول الإهمال إلى مأساة متكررة في المشهد الطبي اليمني

قضية الطفل حسن ليست حادثة فردية، لكنها دليل واضح على أزمة مستفحلة في النظام الصحي اليمني. وتبقى صرخات الأطفال وعذابات أسرهم بلا صدى، في غياب نظام صحي آمن يضمن الحق في العلاج دون أخطاء طبية.

أن الطفل وأسرتة بحاجة إلى تعاون المنظمات المختصة والجهات الرسمية وفاعلي الخير لإنقاذ وضعه.