كيف دمر النزوح والحرب مستقبل الأطفال؟

منصة اطفال اليمن - أمة الله عبدالله
أصبح التعليم أحد أكثر الأحلام البعيدة للكثير من الأطفال في اليمن بسبب الحرب الدائرة في البلاد منذ العام 2014 والتي نتج عنها آثار سلبية على مستقبل الأطفال.
مخيم الفرزة الواقع بمديرية الشمايتين بريف محافظة تعز يكتظ بالعشرات من الاطفال الذين لم يتلحقوا بالصفوف الدراسية بسبب فقدانهم شهادات الميلاد وهويات وعقود الزواج الخاصة بوالديهم.
تساقط الامطار
قاسم وفرح أخوان حيث يبلغ قاسم من العمر ١١ عاما بينما أخته ٩ اعوام، نزحا من مدينة تعز إلى مخيم الفرزة بالشمايتين وبسبب تساقط الامطار على خيمتهم في المخيم فقدوا شهادات الميلاد مما أثر على دخولهم في المدرسة وفق حديثهم والدتهم.
تسرد لنا ام قاسم وفرح معاناة اطفالها إن النزوح والامطار تسببا بفقدان وثائق أطفالها ووثيقة عقد زواجها لم تعد موجودة، وتضيف "أولادي سمح لهم بالدراسة للصف اول فقط وبسبب غياب شهادات ميلادهم لم يسمح لهم بمواصلة الدراسة".
وتقول "ذهبنا إلى إحدى المنظمات من أجل استخراج شهادات ميلاد وطلبوا مني ورقة عقد زواجي من أجل استخراج شهادات ميلاد لأطفالي لكن للأسف لم أعلم أين وثيقة عقد زواجي لأنها أساسا لم تكن موجودة معي حيث فقدتها هي الأخرى وعدت إلى المخيم واني مكسورة بسبب عدم قدرتي على استخراج وثائق لأطفالي".
لم تتمكن ام قاسم وفرح من استخراج شهادات ميلاد جديدة لاطفالها، بسبب الوضع الاقتصادي للاسرة ومما استدعى الأمر ترك اطفالها دون تعليم حسب حديثها.
إلى جوار معاناة الطفلين قاسم وفرح، هناك معاناة مع طفل ثالث وهو أيمن امين يبلغ من العمر ١٠ اعوام نزح مع اسرته من مدينة تعز إلى مخيم الفرزة وبسبب المطر تقطعت شهادة ميلاده ولم يستطيع اكمال تعليمه حيث لم تستطيع والدته تسجيله في المدرسة بسبب عدم وجود شهادة ميلاد وفق حديثها.
وتقول والدة أيمن "نحن كمهشين وعملنا في الأسواق صباحا وبسبب الظروف المادية لم استطيع استخراج شهادة ميلاد لطفلي مما حرمه من التعليم".
وتطالب والدة أيمن ووالدة قاسم وفرح إن يتم استهداف النازحين بقطع شهادات ميلاد جديدة لهم من أجل استكمال تعليمهم.
أسباب قاهرة
بحسب مندوب المخيم نجيب علي هناك حوالي ٢٠ طفل لم يكملوا تعليمهم بسبب فقدان وضياع شهادات الميلاد، ويشير إلى أن احد أسباب فقدان شهادات الميلاد وعقود الزواج للأسر النازحة في المخيم هي النزوح من مكان إلى آخر وبسبب التغيرات الجوية مثل الأمطار حيث كان لها دور في فقدان الأسر والاطفال لوثائقهم .
يشير الناشط احمد حلمي إلى أن أحد أهم الأسباب هي الحروب، حيث يضطر الأهالي للفرار بسرعة من منازلهم دون التمكن من جمع وثائقهم المهمة وعدم إدراك أهمية حفظ الوثائق من قبل الأسر بشكل آمن.
الناشط صديق الهويش يقول أن : النزوح من الموطن الأصلي للمواطنين وأطفالهم والتنقل المتكرر بين مخيمات النزوح كان سببا كافيا لضياع وثائق الكثيرين منهم فضلا عن النازحين الذين دمرت منازلهم وتعرضت للضرر بشكل مباشر فقدوا خلالها الكثير من مستلزماتهم وأغراضهم ومنها وثائقهم، وخلال تنقلاتهم ونزوحهم من موقع لآخر تخلله إقامة في خيام غير محصنة تعرضت فيها الأغراض للتلف أو الضياع بسبب الأمطار وغيرها.
ويضيف الهويش أن قلة وعي المواطنين بأهمية هذه الوثائق كانت سببا في إهمالها وعدم جعلها ضمن أولوياتهم في المحافظة على أغراضهم ومقتنياتهم.
تأثيرات مستقبلية
إن أهمية الوثائق دليل واضح على مقدار التأثير الناجم عن ضياعها وفقدانها، فكثير من الأطفال معرضين للرفض من قبل المدارس بسبب غياب الوثائق الخاصة بهم مثل شهادات الميلاد وغيرها وخصوصا مع صعوبة استخراج الوثائق من المصلحة لأسباب مادية وأسباب خاصة بالأسر التي فقد فيها الأبوين أو أحدهما وثائقه ومنها عقد الزواج، فضلا عن عدم امتلاكهم للبطائق العائلية.
وبحسب مندوب المخيم نجيب ان اغلب الأسر بسبب الوضع الاقتصادي لا تستطيع الأسر استخراج وثائق جديدة لأطفالهم مما أدى الى حرمانهم من التعليم
حلول مقترحة
لحل هذه المشكلة بشكل دائم يتطلب إيجاد خطة من الدولة لاستخدام الارشفة الالكترونية في توثيق معلومات الاسر واطفالها وعقود الزواج بدلا من التعامل مع هذه المعلومات بشكل يدوي ونتج عنها اضرار كبيرة بالإضافة الى تسهيل إجراءات المعاملة من خلال عدم فرض اي رسوم او دفع رشاوى للموظفين.
ولحل مشكلة هولاء الاطفال النازحين يتطلب إنشاء فرق ميدانية بالتعاون مع المنظمات لإصدار شهادات ميلاد ووثائق بديلة للنازحين وتوفير وحدات متنقلة تابعة للسجل المدني تصل إلى مناطق النزوح مع تسهيل المعاملات للنازحين بحسب الناشط احمد.
أما الناشط صديق فيشير الى أن الحلول لا يمكن أن تأتي بشكل مستقل من جهة واحدة، إذ يتطلب تظافر الجهود والتعاون المشترك بين مختلف الجهات ، بدءا من المنظمات والجهات الرسمية والمواطنين أنفسهم وكذا التعاون مع المدارس ومكتب التربية لعمل حلول إسعافية ومن ثم حلول جذرية، ويمكن تشكيل لجنة للمسح والتقصي عن الأسر التي فقد أطفالها وثائقهم ومن ثم التنسيق والترتيب لإثبات هوياتهم واستصدار وثائق رسمية جديدة بالصورة القانونية التي تقرها مصلحة الأحوال.
كما يذكر مندوب المخيم نجيب إن احد أهم الحلول هي أن تتدخل المنظمات في الاستجابة لهم واستخراج شهائد ميلاد جديدة للأطفال الذي فقدت وثائقهم والاطفال الذين ايضا لم يتم تسجيلهم في المدارس إلى حد الان بسبب عدم قدرتهم المادية على استخراج الوثائق.
تقارير دولية
وتشير منظمة اليونيسف إلى ان الحرب في اليمن حرمت 8.1 مليون طفل من حقهم في التعليم وأن مستقبل ملايين الأطفال في اليمن معرض للخطر، نتيجة عدم حصولهم على حقهم في التعليم جراء الصراع الدائر في البلاد منذ 8 أعوام.
وتتحمل النساء والفتيات العبئ الأكبر من هذه الأزمة، وتشير التقديرات إلى أن 80% من النازحين البالغ عددهم 4.5 مليون شخص في اليمن هم من النساء والأطفال، وتتولى النساء قيادة نحو 26% من الأسر النازحة.