الكوليرا كابوس النازحين.. عائلة تفقد 4 من أطفالها خلال أسبوع
منصة أطفال اليمن - سمر العريقي
ينام النازحون في مخيمات النزوح بمحافظة مارب وكابوس الكوليرا يطاردهم ويرعب حياة أطفالهم، هكذا الوضع هناك في ظل تكالب الأوباء والوضع المعيشي الصعب الذي يشكوا من النازحون.
هرب الناس من جحيم الحرب والاشتباكات الدامية -بين الحكومة الشرعية وجماعة انصار الله الحوثيين- الى مخيمات النزوح في مارب وتعز وعدن والحديدة، إلا أنهم وجدوا حرباً من نوع آخر، حرب الأوبئة التي كان ضحيتها الأكبر من الأطفال والنساء.
منصة أطفال اليمن وفي جولتها الى مخيم السويداء للنازحين في محافظة مارب تكشف عن حجم الكارثة التي حلت بإحدى العوائل النازحة، حيث توفي أربعة أطفال من نفس العائلة خلال أسبوع.
التقت منصة أطفال اليمن بالمواطن " غازب يحيى غازي القلاب " ليصدم مراسل المنصة بحجم الألم الذي طال الأسرة النازحة من فقدان لأطفالهم الصغار والخوف على حياة من تبقى من الأطفال والنساء.
يروي غازي قلاب والدموع تنهمر من عينيه ما أصاب أطفاله وأطفال أخوته، حيث باغتهم وباء الكوليرا ولم يكونوا يعرفوا به وبأعراضه.
يقول غازي ان أطفاله عانوا من إسهالات حادة وتقيئآت متكررة مما أدى الى نحول أجساد طفليه وبنات إخوته، الأمر الذي استدعى نقلهم الى المركز الصحي بمخيم السويداء والذي أيضاً عجز عن تشخيص المرض والتعامل معه بالأدوية المناسبة.
يتحدث غازي بحسرة وألم أن المركز الصحي للمخيم لم يستطع تقديم شيء لأطفاله لتبدأ رحلة التنقل بين المستشفيات لمعالجتهم وإنقاذ حياتهم، حيث تنقل غازي بطفليه بين مستشفيات (الشهيد، وكرى، والهيئة) دون فائدة تذكر في تحسن صحة الأطفال.
يقول غازي قلاب أن التحاليل التي أجراها وتكاليف الرقود في العناية المركزة كلفته مبالغ كبيرة تفوق قدراته المادية، وأنه لا يستطيع الإيفاء بها، الأمر الذي اضطره الى إخراج أطفاله من المستشفيات الى المنزل ، وبرغم ارتفاع التكاليف إلا أن حالة طفليه الصحية كانت تزداد سوءاً اثناء تنقله بين المستشفيات بعد عجزهم عن تشخيص المرض، الأمر الذي أدى الى تدهور صحة طفليه.
غازي القلاب وهو يروي مأساة أطفاله
عاد غازي بطفليه المريضين الى المنزل بعد عجزه عن مواصلة علاجهم في المستشفيات المتخصصة، وبعد أن عجزت تلك المستشفيات عن تشخيص مرضهم، وبعد تدهور حالتهم مات طفله الأول مع حلول ظلام ذلك اليوم، فقام بدفنه صباح اليوم الثاني، لتحل عليه كارثة أخرى بوفاة طفله الآخر مع ظهيرة نفس اليوم.
ويؤكد غازي القلاب أنه وخلال أسبوع واحد فقد أخوته طفلتين بسبب إصابتهم بداء الكوليرا كما أصيب أبناءه.
يشكوا غازي من مرارة فقدان طفليه ويخاف من فقدان من تبقى، ومرارته الأكبر أنه وجد نفسه عاجزاً عن إنقاذ أطفاله في ظل حدة المرض وضيق العيش وخذلان السلطات المحلية من عدم تقديم الرعاية الصحية للنازحين وتركهم يصارعون تقلبات العيش والأمراض حسب قوله.
اتهامات بالتقصير
وفي رده حول ما جرى لأطفال النازح غازي القلاب قال مدير مكتب الصحة بمحافظة مارب الأستاذ أحمد العبادي أن قلاب أخرج أطفاله قبل انتهاء فترة علاجهم الأمر الذي تسبب في وفاتهم، مشيراً الى أن مكتب الصحة يبذل جهداً لتجاوز حجم الضغط الكبير نتيجة عدد الإصابات في أعداد النازحين بوباء الكوليرا.
ويقول العبادي أن عدد الحالات تجاوز 1250 حالة إصابة بالكوليرا، شفي غالبيتها وسجل المكتب 13 حاله وفاة ،الأمر الذي اعتبره عبادي مؤشراً لخدمات الرعاية الصحية التي يقدمها مكتب الصحة.
كما يبرر العبادي التقصير في مواجهة وباء الكوليرا الى قلة الإمكانيات في ظل الأرقام المتزايدة في أعداد النازحين ويقول: "كان عدد السكان في محافظة مارب لا يزيد علي 400 الف نسمة، أما اليوم فلدينا خمسة أضعاف هذا الرقم من النازحين بحسب احصائيات الأوتشا التي أكدت وجود (1576000)، وكل ذلك في ظل نفس البنية التحتية الطبية والصرف الصحي ومخيمات نزوح بسيطة وهذا ساهم بشكل كبير في انتشار الأمراض والأوبئة مثل الدفتيريا والكوليرا".
كما أكد مدير مكتب الصحة احمد العبادي أن المكتب يدعوا المواطنين الى تطعيم أطفالهم في حملة التطعيم الطارئة التي استطاع المكتب اعتمادها بتمويل من منظمة الصحة العالمية واليونيسيف والتي تستهدف عدد 845 الف من فوق سن العام.
التأخر في الإبلاغ
من جانبه قال مدير عام الوحدة التنفيذية للنازحين بمحافظة مأرب "سيف مثنى" : "نحن بالوحدة التنفيذية للنازحين نعبر عن حزننا العميق لوفاة أطفال المواطن غاري قلاب وأطفال إخوته، مشيراً الى أنه وفور الإبلاغ عن الحالات المرضية، تم إرسال فرق طبية ميدانية إلى المخيم لتقديم العلاج والرعاية الصحية، ورغم الجهود التي بذلت لإنقاذ الأطفال، لم نتمكن للأسف من إنقاذهم بسبب تأخر الإبلاغ عن حالتهم".
وشكى سيف مثنى من نقص التمويل اللازم لتلبية جميع احتياجات المخيمات، والأعداد الكبيرة والمتزايدة من النازحين، مما يضغط على الموارد المتاحة حسب قوله.
ويقول مثنى أنهم يسعون لتفعيل غرفة الطوارئ بمكتب الصحة ومكتب الوحدة التنفيذية لتنظيم آلية الاحالة بين المستشفيات وضمان عدم تخبط الحالات للبحث عن العلاج، كما يسعون لدعم الأسر المعدمة في معالجة الأطفال خصوصاً الحالات المتقدمة لضمان استمرار المعالجة ومنع الوفيات.
ودعا مثنى المجتمع الدولي والجهات المعنية إلى مضاعفة جهودهم لتوفير الدعم اللازم والمساعدة للعمل على حماية صحة الأطفال وضمان بيئة آمنة لهم بعيدًا عن مخاطر الأمراض.