أطفال المخيمات.. لحاف دون تدفئة

منصة أطفال اليمن - عدي الدخيني
إمكانيات شحيحة في وضع متردٍ للغاية وبرد الشتاء يهتك بحياة الأطفال بمخيمات النازحين في مدينة تعز ومأرب، في ظل استمرار الحرب والحصار من قبل جماعة أنصار الله الحوثيين للعام العاشر على التوالي.
يخرج الطفل أمجد عادل 12 عامًا وهو نازح في مخيم البيرين بمحافظة تعز يجوب أسواق البيرين يبحث عن علب الصحة الماء لبيعها مقابل توفير المتطلبات الأساسية لأسرته المكونة من أربعة أفراد وشراء بعض من المستلزمات الشتوية لعائلته.
تقول أم أمجد لـ "منصة أطفال اليمن" ليس لدي عائل غير أبني الصغير الذي لا يتجاوز عمره 12 عاما وثلاث بنات، " يذهب أمجد كل يوم إلى سوق البيرين يبحث عن علب الصحة الماء "البلاستيك" وجمعها ثم يقوم ببيعها ويعود لنا بالألفين الريال أو الثلاثة الألف لشراء القليل من الدقيق.
وتضيف أن الأوضاع الاقتصادية والحرب التي شردتهم من منازلهم جعلت أبنها الوحيد لا يذهب إلى المدرسة لتلقي تعليمه زي بقية الطلاب، جميع الطلاب يذهبون إلى المدرسة وابنها يذهب لجمع العلب الفارغة وبيعها لتوفير الملابس الشتوية له و لأخواته، موضحًا أن برد الشتاء هذه السنة غير كل سنة لا وسائل تدفئة ولا دعم من المنظمات لتوفير المستلزمات الشتوية لهم، وأنهم يواجهون تحديات كبيرة في توفير المستلزمات الشتوية من البطانيات والملابس.
من جانبها تروي قصتها أم هارون نازحة من مديرية مقبنة منطقة الطوير إلى مخيم الرحبة بمديرية جبل حبشي غربي محافظة تعز في حديثها لـ "منصة أطفال اليمن"، قائلة: أربع سنوات ونحن مشردين من منازلنا بين خيم متهالكة لا تحمي أطفالنا من موجة البرد والصقيع، لا مأوى مرتاحين فيه ولا مصدر دخل نستطيع أن نوفر المتطلبات الأساسية والضرورية لشراء ملابس شتوية لأطفالنا.
وتضيف شردتنا الحرب من منازلنا واصبحنا في هذه الخيم كما تشاهدها أمامك ويصاب أطفالنا بالالتهابات والحميات والزكام بالإضافة إلى مرض الكوليرا وخاصة مع اشتداد البرد تنتقل لنا الأمراض المعدية من خلال البعوض وخدمات الصرف الصحي التي أصبحت مكشوفة تنتقل من خلالها الأمراض.
مرارة النزوح
تتقلب الأوضاع وتزداد معاناة النازحين في مدينة مأرب يومًا بعد بعد يوم ، حيث يطل عليهم موسم فصل الشتاء لهذا العام بمزيد من المعاناة في ظل عدم تقلص دعم المنظمات الإنسانية وتدهور الوضع الاقتصادي في البلاد وارتفاع أسعار الملابس الشتوية، و وجدوا أنفسهم عاجزين عن شراء المتطلبات الضرورية لتوفير الكنابل والبطانيات وهم مثقلون بالهموم وقلة الحيلة، نتيجة سنوات النزوح والبقاء هنا، في ظل ظروف معيشية واقتصاديا صعبة سلبتهم القدرة على شراء احتياجات هذا البرد.
يقول الحاج غانم المرزح نازح في مخيم الجفينة بمحافظة مأرب لـ "منصة أطفال اليمن" لم نستطع توفير القُوت الضروري لسد رمق أولادي السبعة، وبالنسبة للملابس الشتوية لأطفالنا فهذا أمر من الصعب أن نوفره لهم، إذ هو العام الثاني ونحن نرتدي لحاف خفيفة يخترقها البرد بكل سهولة و نكتفي بها.
من جانبه يتساءل عايض نازح في ذات المخيم بمرارة: "من أين لي دخل لشراء الملابس الشتوية لأولادي والحال كما ترى؟ لا منظمات إنسانية تدعم نحن في توفير هذه الملابس ولا مبادرات إجتماعية، لا أعمال، ولا مصدر دخل".
مشيرًا أن وضعه كان أفضل حالًا خلال السنوات الماضية قبل الحرب، لكن هذا العام جاء مختلفًا بالنسبة له خاصة أن هناك موجة شديدة من السقيع.
وطأة الفقر والحرمان
تزداد وطأة المعاناة أكثر على الأسر النازحة في مخيمات النزوح بمختلف المحافظات اليمنية مع حلول موسم فصل الشتاء، حيث تعيش ملايين الأسر في مخيمات متهالكة تفتقر لأدنى مقومات الحياة الكريمة و يرزحون تحت وطأة الفقر والحرمان، حيث فقد الكثير من النازحين مصادر دخلهم وقدرتهم على توفير سبل العيش، ناهيك عن توفير ما يضفي البهجة في نفوسهم للعيش بحياة كريمة خلال فصل الشتاء.
وفقًا لتقرير الأمم المتحدة التي نشرته بداية العام الجاري، أن أكثر من نصف سكان اليمن بحاجة إلى الخدمات الإنسانية وخدمات الحماية لعام 2024.
وفصلت بأن أكثر من 18 مليون يمني/ة بحاجة إلى هذه المساعدات الإنسانية، ونحو 12.4 ملايين يمني/ة يفتقدون القدرة على الوصول إلى مياه الشرب الآمنة، و 17.6 ملايين يمني/ة يواجهون انعدام الأمن الغذائي الشديد.
وأوضحت أن هناك 4.5 ملايين يمني/ة نازح/ة داخليًا، تتطلب الاستجابة الإغاثية 2.7 مليارات دولار لدعم 11 مليون شخص في جميع أنحاء البلاد.
وأضافت أن معاناة أطفال اليمن الذين يمرون بالسنة العاشرة من الحرب الأهلية المستمرة، منها 1.3 ملايين طفل/ة نازح/ة يواجهون نقصًا في الموارد، وأكثر من. 4.5 ملايين طفل/ة خارج المدرسة ويفتقدون الفرص التعليمية، وأكثر من 600 ألف طفل/ة من ذوي الإعاقة يفتقرون إلى الدعم الملائم لاحتياجاتهم.
ظروف قاسية
في هذا السياق تقول هدى الصراري رئيس مؤسسة دفاع للحقوق والحريات لـ "منصة أطفال اليمن" أن وضع الأطفال في مخيمات النزوح بشكل عام ومنها محافظتي مارب وتعز يمثل مأساة إنسانية بسبب الظروف القاسية التي يعيشونها، خصوصاً في فصل الشتاء.
لقد اثر النزوح المتكرر وعدم توفر الاحتياجات الأساسية مما يجعل الأطفال أكثر الفئات تضرراً، حيث يعانون من نقص الغذاء، الرعاية الصحية، والمأوى الملائم، بالإضافة إلى غياب فرص التعليم المستقر.
وتضيف اما عن الاحتياجات الرئيسية للأطفال في فصل الشتاء، فالأطفال بحاجة ماسة إلى ملابس شتوية ثقيلة تشمل المعاطف، الأحذية، والجوارب، البطانيات الحرارية الضرورية لتوفير الدفء ليلاً.
لافتا أن المخيمات تفتقر غالباً إلى العزل الحراري والخيام المناسبة لتحمل الأمطار والرياح الباردة، وتوفير خيام ذات جودة عالية أو دعم لتحسين المأوى المؤقت هو أمر حيوي، وأن سوء التغذية يتفاقم في الشتاء بسبب زيادة حاجة الجسم للطاقة والتدفئة يجب توفير وجبات غذائية غنية بالسعرات الحرارية والفيتامينات.
وبسبب الأمراض الموسمية مثل التهابات الجهاز التنفسي والإنفلونزا تنتشر بسرعة بسبب البرد فلابد من الحاجة ماسة لتوفير أدوية أساسية، خدمات طبية متنقلة، ولقاحات.
وتشير إلى أن الأطفال بحاجة إلى مساحات آمنة وأنشطة تساعدهم على تجاوز الصدمات النفسية التي يعيشونها، فاستمرار التعليم يمكن أن يمنحهم شعوراً بالأمان والاستقرار، وأن ضعف الاستجابة من المنظمات الدولية والمحلية وقلة الموارد المتاحة للأسر لتوفير الاحتياجات الأساسية تفاقم الأوضاع بسبب النزاعات المستمرة وانعدام الأمن.
وترى أن على المجتمع المحلي والإقليمي أن يلعب دوراً مهماً من خلال تنظيم حملات تبرع لتوفير الملابس الشتوية والتركيز على الجهود الفردية والمؤسسية لجمع وتوزيع المساعدات، مثل البطانيات والملابس الثقيلة، وأنه إذا تم توفير الاحتياجات الأساسية، يمكن التخفيف من معاناة الأطفال في المخيمات وحمايتهم من تأثيرات الشتاء القاسية.