الأطفال بين صدمات الحرب والواقع المؤلم

يناير 30, 2025 - 19:45
يناير 30, 2025 - 19:46
 0  47
الأطفال بين صدمات الحرب والواقع المؤلم

منصة أطفال اليمن - أسامة السبئي

في اليمن، حيث الحرب والصراعات أصبحت واقعًا يوميًا، يدفع الأطفال ثمنًا باهظًا نتيجة النزوح المتكرر وفقدان الاستقرار. يعيش هؤلاء الأطفال تجارب صعبة تترك آثارًا نفسية واجتماعية طويلة الأمد.

عمرو خالد، طفل في العاشرة من عمره، يعيش تجربة النزوح القاسية التي مزقت استقراره وحياته البسيطة حيث انتقل مرارًا، مع أسرته، بحثًا عن الأمان، متنقلًا بين صنعاء ومأرب ليستقر أخيرًا في مخيم السويداء شمال المحافظة. بالنسبة له، النزوح لم يكن مجرد تغيير مكان، بل فقدان لكل ما أحب.

يقول عمرو: "اشتقت لأصدقائي وللعب معهم. الآن، أفضل البقاء وحدي لأنني لا أشعر بالأمان هنا".

وتقول والدته، السيدة فاطمة: "منذ النزوح، تغير عمرو كثيرًا وأصبح عصبيًا وعنيدًا، وإذا صرخ عليه أحد، قد يستيقظ ليلًا يبكي ويمشي في المنزل."

حتى في المدرسة، يواجه عمرو تحديات جديدة. يعاني من ضعف بصره، ويُجبر على ارتداء نظارة تعرضه للتنمر من زملائه. تضيف والدته: "رفض لبس النظارة رغم حاجته إليها. تحدثت مع المعلمين والإدارة لتخفيف الضغط عليه، وتحسنت الأمور قليلًا، لكن بعض الأطفال يتعمدون إزعاجه."

بالنسبة للسيدة فاطمة، النزوح لم يُفقدهم المنزل فقط، بل ألقى بظلاله الثقيلة على حياتهم بالكامل: "فقدنا شعورنا بالأمان. كنا نعيش حياة بسيطة لكنها مستقرة، والآن أصبحنا ننتقل دون وجهة واضحة."

تؤكد فاطمة أن أطفالها، خاصة عمرو، يعانون نفسيًا قائلة "كان طفلًا هادئًا ومتفوقًا في دراسته، لكنه الآن يرفض التفاعل مع أصدقائه الجدد ويجد صعوبة في التركيز."

تشير فاطمة إلى زيارة واحدة لفريق تركي قدم ألعابًا وأنشطة ترفيهية للأطفال في المخيم: "كانت لحظة فارقة. شعر الأطفال بالسعادة لبعض الوقت، لكننا لم نتلق أي دعم منذ ذلك الحين."

وعلى الرغم من كل شيء، يظل عمرو يحمل أملًا بسيطًا: "أريد أن تنتهي الحرب وأعود إلى منزلنا ومدرستي. أريد أن أعيش بأمان وأن أرى اليمن بخير."

تؤكد الأخصائية النفسية زمزم راجح أن الأطفال الذين يعيشون في ظروف الحرب والنزوح يعانون من صدمات نفسية عميقة تنعكس بشكل سلبي على حياتهم اليومية ونموهم العاطفي. أبرز هذه الصدمات تشمل مشاعر الخوف والقلق، ضعف الثقة بالنفس، تدني المستوى الدراسي، والانطواء.

راجح تشير إلى بعض العلامات التي تدل على معاناة الطفل من الصدمة النفسية، مثل عدم الرغبة في الذهاب إلى المدرسة، صعوبة الاندماج في المجتمع، العصبية، والخجل الزائد عن الحد. 

كما أوضحت أن الدعم النفسي المقدم في المخيمات يكاد يكون معدومًا، مشيرة إلى محدودية الأنشطة والخدمات النفسية المخصصة للأطفال في هذه البيئات، مضيفة ان "أطفالنا بحاجة إلى التعليم والدعم النفسي للخروج من دوامة الحرب والحرمان"،.

وفقًا لوثيقة "نظرة عامة على الاحتياجات الإنسانية لعام 2024" فقد بلغ عدد النازحين في اليمن نحو 4.5 مليون شخص منذ تصاعد الحرب في عام 2015، بينهم أكثر من مليوني طفل، كما تُظهر الإحصائيات أن أكثر من 30% من الأسر النازحة تتعرض للنزوح المتعدد، مما يزيد من الصدمات النفسية والاجتماعية، خاصة على الأطفال.