براءة الأطفال في ساحات القتال

يمكن 3, 2024 - 00:52
يمكن 3, 2024 - 00:56
 0  31
براءة الأطفال في ساحات القتال

عبدالرحمن الحميدي - خالص لمنصة أطفال اليمن 

"كان سيدي إذا قال لي اقتل،كنتُ سأقتل.. سأفجر نفسي من أجله"
 بهذه التعبئة والفكر تخرج محمد من أحد المراكز الصيفية التي تقيمها جماعة الحوثي في مناطق سيطرتها كل عام.

محمد.. ذو 13ربيعا،  من أصغر المجندين في صفوف جماعة الحوثي، نجى من مصير أقرانه ووقع في أسر قوات الجيش الموالي للحكومة الشرعية، بعد عامين من قتاله في صفوف جماعة الحوثيين في إحدى جبهات القتال عام 2018م، حسب تحقيق أجرته وكالة "اسوشيتد برس" الأمريكية في 19 من ديسمبر/كانون الأول 2018.

 محمد ليس سوى واحد من العديد من الأطفال الجنود الذين أسرتهم قوات الشرعية "المعترف بها دولياً" أثناء قتالهم إلى جانب الحوثيين في إحدى الجبهات عام 2018.

السوار وحده من سيبقى.. والموت هو المصير.. هذا ما يؤمن به محمد ويفكر به كل يوم.

جنود صغار لتصفية الحسابات
أبرياء استغلت ضعفهم مختلف الأطراف المتحاربة.. سلبتهم ألعابهم وأرغمتهم على حمل البنادق لتحمل تبعات الحرب الظالمة.. لتوقعهم في مأزق التجنيد دون بلوغ السن القانوني.. فيتحولوا بعد ذلك إلى أدوات، إما مقاتلين في صفوفها تسيل دمائهم في خطوط النار أو لإمداد مقاتليها بالذخيرة والغذاء.. وقيامهم بأعمال أخرى غير قانونية.

وكشف تقرير لمنظمة سام للحقوق والحريات في أبريل 2024 عن تورط جميع الأطراف والفصائل المتحاربة في اليمن في كسب ولاءات الأطفال وتجنيدهم لصالحها في ميادين القتال.

وأكد تقرير صادر عن منضمة ميون لحقوق الإنسان 12فبراير 2024. بأن جماعة الحوثيين هي الطرف الأكثر تجنيداً للأطفال منذ بداية الصراع المسلح في اليمن سبتمبر/أيلول 2014، وأن الجماعة لم تظهر أي إلتزام بخطة العمل التي أبرمتها مع منظمة اليونيسف في أبريل 2022 وتعهدت بموجبها بإيقاف تجنيد الأطفال والكشف عن المجندين منهم في صفوفها وتسريحهم.


وقود الصراع
الآلاف من الأطفال يقر الحوثيون بأنه تم تجنيدهم في صفوفهم استعداداً لمواجهة أمريكا وإسرائيل، بالتزامن مع انطلاق أحداث غزة في 7 من أكتوبر/تشرين الأول 2023 حسب تقرير نشرته منظمة هيومن رايتس ووتش في فبراير/شباط 2024.

وأوضحت ميون في تقريرها عن مقتل أكثر من 7020 طفل يمني في صفوف الحوثيين منذ بداية الصراع في 2014 وحتى نهاية 2023 تم استخدامهم كجنود في الخطوط الأمامية للقتال والنقاط الأمنية والطهي ونقل الإمدادات والتجسس والاستطلاع ومصورين إعلام حربي.

وأكد تقرير أطلقته منظمة سام للحقوق والحريات في اليوم الدولي لمناهضة تجنيد الأطفال في 12فبراير/شباط 2024  بأن جماعة الحوثيين المنقلبة على الحكومة الشرعية (المعترف بها دولياً) قامت بأكبر عملية تجنيد على نحو إجباري لأكثر من 10300طفل منذ 2014.


أطفال اليوم.. ألغام الغد
حذرت منظمة ميون لحقوق الإنسان في بيان لها عن قيام جماعة الحوثيين بتدشين المراكز الصيفية وحشد طلاب المدارس إليها كل عام.. لما لهذه المراكز من تبعات كارثية وخطيرة على الأطفال والمجتمعات على حد سواء نتيجة تلقيهم أفكار طائفية تدعوا إلى العنف والكراهية. 

يأتي ذلك بالتزامن مع اعتراف القيادي البارز في الجماعة قاسم حمران بأن معظم الأطفال الذين اللتحقوا بالمراكز الصيفية في وقت سابق لقوا مصرعهم في صفوف الحوثيين، وقال في تغريدة له في حسابه على منصة إكس: " لولا المراكز الصيفية وروادها الذين أغلبهم اليوم في عداد الشهداء، لكان اليمن اليوم مرتعا للدعارة والفجور وللتكفير والتفجير" 

 فيما اعتبرت جماعة الحوثيين أن عملية حشد الاطفال إلى المراكز الصيفية ما هي إلا بهدف توعيتهم بأهمية الجهاد وإبعادهم عن الضلال بحسب وصف موقع الثورة نت التابع لها.

وقال فهمي الزبيري مدير مكتب وزارة حقوق الإنسان التابع للحكومة الشرعية بأمانة العاصمة في تصريح  لمنصة أطفال اليمن: "جماعة الحوثيين تعمل بشكل مستمر على نقل الصراع إلى الأطفال دون سن الخامسة عشر في المناطق التي تسيطر عليها.. بطرق منافية لقوانين حقوق الإنسان وأخلاقيات الحروب.. وتستخدم الأطفال وسيلة لتصفية حساباتها السياسية دون عهد ولا ذمة".

وأضاف قائلاً " المراكز الصيفية التي يدشنها الحوثيون ليست إلا معسكرات لتفخيخ عقول الأطفال بأفكار طائفية تجعلهم أكثر نفور وعدوانية، وتدريبهم على إطلاق النار، لضمان استمرار الحرب بحق اليمنيين الأبرياء خلال السنوات المقبلة".

بلا رحمة.. وبوتيرة عالية.. تقوم جماعة الحوثيين وبقية أطراف الصراع بشتى الوسائل وبشكل مستمر منذ اشتعال الحرب باليمن، من أجل تأصيل وترسيخ ثقافة تجنيد الأطفال، لجعلها ظاهرة طبيعية وضرورية في المجتمع لتحقيق أهداف سياسية لا إنسانية طويلة الأمد.