أطفالنا النازحون
وفق تقرير الاستجابة الإنسانية للعام 2023، الذي أعده مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا)، فإن عدد نازحي اليمن- حالياً- يقدر بـ4.5 ملايين شخص (أي 14% من سكان البلاد)، معظمهم نزحوا عدّة مات على مدى عدة سنوات. ومن شأن استمرار النزوح المطول- حتى مع انخفاض معدلات النزوح الجديد- أن يضمن بقاء اليمن ضمن أكبر 6 حالات نزوح داخلي في العالم.
تعد محافظة مارب أكثر محافظات الجمهورية استقبالاً للنازحين، وأكثر اكتظاظاً بها، حيث تضم حالياً أكثر من 200 مخيم وتجمع نزوح، بخلاف النازحين المستأجرين في المدينة والساكنين في المنازل.
ويتباين وضع النازحين في عموم اليمن إلا في المجمل ظروف إنسانية ومعيشية بالغة الصعوبة والتعقيد، وخصوصاً الأطفال. فالمخيمات تشكّل بيئة حياتية تعرض الأطفال للعديد من المخاطر والتحديات التي تؤثر سلبًا على حياتهم ورفاهيتهم النفسية والجسدية.
مع هذه الظروف القاسية التي تعيشها معظم الأسر النازحة بما فيها الجوع والحرمان والفقر، يصبح الأطفال أكثر عرضة للعمالة المبكرة والاستغلال والأخطار المتعددة.
إضافة إلى ما يعيشونه أصلاً من واقع الحرمان من معظم الحقوق وأبرزها التعليم نتيجة نقص المدارس والمعلمين والمناهج، وأيضاً الخدمات الصحة والرعاية الاجتماعية.
إضافة إلى المخاطر المباشرة ومنها حوادث الحرائق، حيث سجّلت مخيمات النازحين خصوصاً في مارب المئات منها، وأغلب ن ضحيّتها كان من الأطفال. يضاف إلى ذلك مخاطر الحوادث المرورية والغرق في مجاري السيول وحفر الصرف الصحي وغيرها.
في كل الأحوال يظلون الأكثر تضرراً من النزوح والأزمة الإنسانية، ففي الصيف هم الأكثر تأثراً بالأمطار والسيول والفيضانات، وفي الشتاء هم الفريسة الأسهل للصقيع. وقد سجل العام 2023 وما قبله وفاة العديد من الأطفال في مخيمات النزوح جراء البرد الشديد، وبالأخص المواليد. إذ أن معظم المساكن تتكون من خيام قطنية متهالكة لا تحمي أفراد الأسرة حرارة الصيف ولا برد الشتاء.
كل هذا يستدعي مزيداً من اهتمام السلطات الرسمية والمنظمات الأممية والوكالات الدولية لإيجاد تدخلات نوعية لتحسين الظروف الحياتية والمعيشية للأطفال، وأن تعزز قدرات المحلية للتعامل مع حجم الاحتياجات الخاصة بالأطفال، ومن أبرزها توفير المدارس وتجهيزها بالمعدات والمناهج والمعلمين لاستيعاب آلاف الأطفال المحرومين من التعليم، وتحفيزهم على الالتحاق بالمدارس، إضافة إلى توفير خدمات الرعاية الصحية المناسبة للأطفال. وكذا توفير المزيد من المتنفّسات للأطفال لتجاوز صدمات الحرب وأضرار النزوح والحرمان.
في الآونة الأخيرة، لاحظنا توجهاً من الجانب الحكومي والوكالات الدولية لتنفيذ تدخلات أكثر فعالية وديمومة، وهنا نؤكد على ضرورة الاهتمام بالمشاريع التي من شأنها توفير فرص عمل للأهالي ودعمهم مالياً للحد من الضغوطات الاقتصادية التي يعيشونها، وتعرض أطفالهم للخطر. وكذا توفير مساحات آمنه وصديقة للأطفال في مخيمات النزوح.
من تجدونهم يركضون في أزقة مخيمات النزوح ليسوا أرقاماً صغيرة على هامش الحياة والأحداث، وإنما هم مستقبلنا ومستقبل هذا البلد، والاهتمام بهم وتحسين أوضاعهم حالياً يجعل هذا المستقبل مشرقاً ومزدهراً.
*كتابة خاصة بمنصة أطفال اليمن