الطفل اليمني براءة تختنق بالحرب

كتب: خالد الصرمي لمنصة أطفال اليمن
الطفولة في أصلها فسحة من اللعب والأحلام، هي الضحكة العفوية والرحلة الصباحية نحو المدرسة بحقيبة صغيرة مليئة بالكتب والألوان. لكن في اليمن، الطفولة انقلبت رأساً على عقب. الطفل هنا يكبر قبل أوانه، يحمل على عاتقه هموماً ومسؤوليات أكبر وأثقل وزناً من حقيبته المدرسية، وكأن الحرب سرقت منه حقه في أن يعيش طفلاً مثل باقي أطفال العالم.
اليمن يعيش واحدة من أعنف الأزمات الإنسانية في العصر الحديث. ملايين الأطفال ينامون جائعين، وكثير منهم يعانون سوء التغذية الحاد. المدارس المهدمة أو المغلقة دفعت مئات الآلاف إلى خارج مقاعد التعليم، فيما المستشفيات تعجز عن استقبال الأطفال المرضى. أصبح همّ الطفل اليمني اليوم أن يبحث عن لقمة أو دواء، بدلاً من أن يفكر في لعبته أو حلمه.
إن المأساة الأشد إيلاماً أن الأطفال لا يخسرون حقوقهم فقط، بل يخسرون طفولتهم ذاتها. كثيرون اضطروا للعمل في الأسواق لجلب قوت يومي لأسرهم، وبعضهم حمل السلاح بدل القلم. الطفولة التي كان يجب أن تكون مساحة للبراءة تحولت إلى أعباء ثقيلة، ومشاهد لا تشبه أعمارهم.
إذا استمر هذا الواقع، فسيكبر جيل مشوه بالحرمان والخوف، جيل لم يعرف من الحياة سوى الحرب والجوع. لكن ما زالت هناك فرصة: كل طفل يعود إلى مدرسته، كل ابتسامة تُستعاد، هي بذرة لمستقبل أكثر أماناً وإنسانية. مصير الطفل اليمني ليس قدراً محتوماً، بل خيار يتحدد بمدى قدرتنا على حمايته اليوم.
رغم قسوة الوضع، هناك حلول قابلة للتنفيذ:
دعم برامج التغذية المدرسية لتأمين وجبة يومية بسيطة تُبقي الأطفال في الفصول.
دعم استمرار التعليم ، حتى لا ينقطع الأطفال عن التعليم.
إنشاء عيادات متنقلة تقدم الرعاية الصحية والتحصين للأطفال في القرى.
مساندة الأسر الفقيرة بمشاريع صغيرة أو مساعدات نقدية حتى لا يُضطر الأطفال للعمل.
تفعيل مبادرات شبابية ومجتمعية لتقديم أنشطة تعليمية ونفسية للأطفال، تخفف من آثار الحرب.
الطفل اليمني ليس مجرد ضحية للحرب، بل هو مستقبل وطن بأكمله. إنقاذ طفولته مسؤولية مشتركة تبدأ من الداخل وتمتد إلى العالم. الطفولة إذا فُقدت لن تعود، لكن إذا حُميت اليوم، فإنها ستمنح اليمن غداً أقوى من كل جراحه.