الرسوم الدراسية والوضع المعيشي يحرمان الطفل "باسل" من الالتحاق بالمدرسة
سمر العريقي/ منصة أطفال اليمن
يتوق باسل للدراسة إلا أن والده لا يمتلك تكاليف الرسوم الكبيرة لتسجيل ابنه، وكذلك لا يستطيع والده توفير مستلزمات الدراسة من دفاتر وأقلام وزي مدرسي وشراء المنهج الدراسي، خاصة في ظل انعدام إمكانية طباعة المناهج في المحافظات التي تسيطر عليها جماعة أنصار الله الحوثيين.
يقول إبراهيم -من سكان العاصمة صنعاء- البالغ من العمر 35 عاماً وهو والد الطفل "باسل" البالغ من العمر 7 أعوام أن كل ما يستطيع توفيره من عمله طوال اليوم لا يمكن أن يسد حاجة عائلته الضرورية من الأكل والشرب متسائلاً : كيف يمكنني إلحاق أبنائي بالمدرسة.
لدى إبراهيم طفلين أكبرهم الطفل "باسل" الذي لم يتمكن من اللحاق بالفصل الدراسي الأول المشارف على الانتهاء بسبب الظروف المعيشية الصعبة التي تسببت بها الحرب المندلعة منذ عشر سنوات في اليمن.
يتحدث إبراهيم : كنت أعمل في قطاع خاص ولكن بسبب الحرب توقف العمل ولم يعد لي مصدر دخل ثابت أستطيع من خلاله الإيفاء بالتزامات الدراسة ورسومها، لو كنت مستمراً في عملي لأدخلت "باسل" في المدارس الخاصة، ولكن حتى المدارس الخاصة رفعت رسومها بشكل جنوني ولا يمكن لمن هم في مستواي المعيشي مجرد التفكير لالحاق أبناءهم بها بعد توقف الكثير من المدارس الحكومية والمعلمين من التدريس.
ويضيف : " يا أختي حتى المدارس الحكومية فرضت رسوماً عالية تصل الى 8000 آلاف تحت إسم "المساهمة المجتمعية" وعلى الأسرة شراء المنهج الدراسي وفي بعض الأحيان يفرض المعلمين رسوماً خاصة بهم لأن الحكومة في صنعاء لم تصرف لهم رواتباً منذ سنوات".
ويتابع : أقول بالعمل اليومي الذي اضطررت اليه لتوفير الأكل والشرب لطفلَي وزوجتي، إلا أني أحرص مع زوجتي على تعليم باسل والطفل الآخر القراءة والكتابة وبعض معارف الحساب التي نستطيع لها، ونبذل فيهما جهداً كبيراً لنجعلهما على الأقل في مستوى أقرنائهم من الأطفال الذين يتعلمون في المدارس، وكلي أمل أن الوضع سيتغير وأتمكن من تدريسهم.
يشير والد باسل أن إبنه لديه حب كبير للتعلم والدراسة في المدرسة خاصة أنه حُرِم منها، فالحرمان جعله ينظر الى الأطفال الذي يدرسون بنظرة مقارنة بوضعه لأنه أصبح في نفس عمرهم ويشاهدهم وهم يذهبون الى المدرسة ويشترون مستلزماتها بداية كل فصل، ويسمع حديثهم عن الفصول والمعلمين وما يجدونه من متعة هناك.
يتكلم إبراهيم بحسرة قائلاً: "لدي جيران اضطروا لدفع أطفالهم الى العمل من أجل مساعدتهم في توفير أساسيات الحياة، فالحياة في صنعاء أصبحت مثل النحت على الصخر متعبة جدا، لكن أنا لم أتجرأ على هذا القرار وأدفع بابني الى العمل، لا أستطيع لا أستطيع فعل ذلك، هذا مؤلم بالنسبة لي".
يدعوا إبراهيم الجمعيات والهيئات المختصة بمجال التعليم الى تكثيف ودعم المدارس الحكومية والمعلمين بشكل مباشر ليواصلوا مهمتهم في تدريس الأطفال والتخفيف عني وعن كل الأسر التي تعيش حسرة على أطفالهم ومستقبلهم.
جبايات
وكشف مصدر تربوي في صنعاء أن جماعة أنصار الله الحوثيين فرضوا رسوما دراسية جديدة على المدارس الخاصة تصل الى 50 دولارا عن كل طالب ويتم توريدها الى حسابات وزارة التربية والتعليم التابعة لسطات الحوثيين.
كما ذكر المصدر أن جماعة أنصار الله الحوثية تفرض على كل مدرسة خصوصية مدرساً-مشرفاً- على المدرسة وتتكفل المدرسة بتوفير راتبه ومكتب خاص به، وكذلك الأمر في مدارس الطالبات يتم فرض مدرسة تابعة لهم تعمل على الإشراف على المدرسين والطلاب والأنشطة الطلابية ومراقبة المنهج الذي يتم تدريسه.
يقول المصدر أن هذه الإجراءات دفعت المدارس الخاصة الى زيادة الرسوم الدراسية على الطلاب والطالبات
في جميع المراحل الدراسية حتى تتمكن من توفير التزاماتها والجبايات والمفروضة عليها إضافة الى الأرباح لمالكي تلك المدارس.
تقارير دولية
ذكر بيان صادر عن مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا) في مايو 2024، إن أكثر من أربعة ملايين ونصف المليون طفل يمني أصبحوا خارج المدرسة ولا يتلقون التعليم، داعيا إلى الاستثمار في التعليم باعتباره استثمارا في مستقبل الأجيال.
وأرجعت المنظمات الدولية السبب في ذلك إلى النزاع المستمر منذ نحو عشر سنوات والذي أثر بدوره على الوضع الاقتصادي؛ مما دفع عدداً من أهالي الطلبة بمختلف المناطق إلى عدم إرسالهم إلى المدارس.
وفي تقرير حديث، كشف التحالف العالمي لحماية التعليم عن وقوع ما يقارب 200 حادثة هجوم واستهداف للمرافق التعليمية والعاملين فيها في اليمن، إلى جانب استخدام أخرى لأغراض عسكرية خلال العامين الأخيرين.
وذكر التقرير أن من أسماهم «أطراف النزاع»، نفذوا ما لا يقل عن 65 هجوماً على المدارس ومرافق التعليم العالي خلال عامي 2022 و2023، منها 47 هجوماً على المدارس.