طفلة تنام على الرصيف

كتب: عبداللطيف معوضة
نائمة على رصيف الوطن، بعد أن أنهكها التعب وهي تبيع الماء في لهيب الشمس، ليست في حكاية خرافية، بل في وطنٍ يصفق مسؤولوه في المؤتمرات ويتفاخرون بخططٍ لا تسمن ولا تغني من جوع.
طفلة تحمل قوارير الماء، لا لعبًا ولا دفاتر، وتنام على أرضٍ صلبة لا تعرف الرحمة، كأنها تودع شيئاً ما...
ربما طفولتها، أو كرامتها، أو حتى حلمها بوطنٍ لا يخون.
عندما تكبر هذه الطفلة، بأي وجه تريدها أن تتذكرك؟
هل تريدها أن تبتسم إذا سُئلت عن الوطن؟
أن تقف لتدافع عن بلدٍ تركها تنام على الأرصفة؟
هل تتوقع منها أن تغني النشيد الوطني وهي تتذكر جوعها؟ تعبها؟ غربتها في شوارع بلادها؟
عندما تكبر، لن تتذكر الوطن من علمه ونشيده، بل من الإسمنت الذي استقبل جسدها الهزيل، من ظل الشجرة الذي حماها أكثر من دولتكم، من كل لامبالاة قاتلة مرت بجانبها ولم تُحرك ساكنًا.
تُريدون منها أن تكون مواطنة صالحة؟!
أن تُحب الأرض التي رمتها في الشارع؟
أن تهتف بأسماءكم وتصفق لإنجازاتكم الوهمية؟!
لا، لن تفعل.
هي ستكبر، وستتذكر.
وستبني داخلها وطناً آخر، لا يشبه وطنكم، وطنًا لا يحتاج إلى وزارات ولا شعارات، بل إلى عدل وكرامة ورحمة.
ففكروا جيدًا...
أي وطن تريدون أن تزرعوه في ذاكرة من بعتم طفولتهم بثمن بخس؟
وإن نهضوا يومًا، هل ستحتملون غضب جيلٍ تربى على الخذلان؟
الصورة ليست مجرد مشهد… إنها بداية سؤالٍ لن يُسكت إلى الأبد.
#مقالات
#اطفال_اليمن_yemens_children