الحرب والنزوح ضاعفا عمالة الأطفال في اليمن

الحرب والنزوح ضاعفا عمالة الأطفال في اليمن

يناير 7, 2024 - 23:08
يناير 8, 2024 - 19:09
 0  66
الحرب والنزوح ضاعفا عمالة الأطفال في اليمن
الحرب والنزوح ضاعفا عمالة الأطفال في اليمن

منصّة أطفال اليمن: تقرير خاص- كمال حسن

مع إشراقة كل صباح، يخرج الطفل خالد، من منزله حاملاً على ظهره الصغير كيساً به عبوات من المناديل الورقية، ليقوم ببيعها للمارة في جولة المرور وسط مدينة مأرب، المكتظة بالسكان.

اعتاد خالد ذو الـ13 عاماً، أن يقف يومياً بإحدى زوايا هذه الجولة، ويعود في ساعة متأخرة من النهار، وفي يديه بعضاً من الطعام لأسرته وما تبقّى من المناديل التي لم يتمكّن من بيعها.

فقد خالد، والده خلال الحرب التي ما تزال مستمرة في البلاد منذ أواخر عام 2014، وحالياً هو من يعول أسرته بعد نزوحها من صنعاء، والتي تضم والدته وشقيقه ياسر وشقيقته أماني.

تعتمد هذه الأسرة على ما يوفره خالد، من بيع المناديل الورقية لتوفير احتياجاتها الأساسية، إضافة إلى شراء الدواء لوالدته التي تعاني الضغط وقرحة المعدة، وقبلهما دفع إيجار المسكن المكون من غرفة واحدة وحمام.

أحياناً، يضطر خالد، للبقاء على الرصيف حتى الساعات الأولى من المساء كي يبيع أكبر عدد من عبوات المناديل بما يكفي لشراء حاجيات أسرته.

مثل خالد، يوجد المئات من أطفال اليمن، يقاسون معاناة العمل منذ سن مبكر، وتضاعف هذا خلال فترة الحرب والأزمات السياسية والاقتصادية المتلاحقة التي تمر بها البلاد، والتي أنتجت أكبر أزمة إنسانية في العالم، وفق توصيف الأمم المتحدة.

وقالت اليونيسف، إن حوالي 23,7 مليون شخص في اليمن يحتاجون لمساعدة إنسانية، بما فيهم حوالي 13 مليون طفل.

يظهر مسح عنقودي نفذه الجهاز المركزي للإحصاء بالشراكة مع اليونيسف، أن 29 % من أطفال اليمن منخرطون في العمل. ويوضح تقرير المسح الذي أطلق في أكتوبر 2023، أن عمالة الأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين 12 و14 عامًا تعد الأعلى مقارنة بفئات الأعمار الأخرى.

وإضافة إلى الأوضاع المعيشية والاقتصادية القاسية في اليمن، ساهم النزوح بدفع كثير من الأطفال لترك صفوف الدراسة والاتجاه نحو العمل في سن مبكر، لتوفير لقمة العيش لهم ولأسرهم. ويعمل هؤلاء الأطفال في ظل ظروف غير آمنة ولا تناسب مع أعمارهم الصغيرة.

بيّن تقرير لليونيسف، صدر مطلع العام الجاري، أن مخيمات النازحين تكتظ بأكثر من 2,3 مليون طفل، لا يحصلون على ما يكفي لسد احتياجاتهم من الخدمات الأساسية في مجال الصحة والتغذية والتعليم والحماية والمياه والإصحاح البيئي.

وبالتالي يلجأ الأطفال والقائمون على رعايتهم غالبًا إلى آليات التكيف السلبية مثل عمالة الأطفال، وفي كثير من الحالات تجنيدهم في القتال.

مدير عام وحدة مكافحة عمل الأطفال بوزارة الشؤون الاجتماعية والعمل منى سالم البان، قالت لـ"منصّة أطفال اليمن" إن الحرب والنزوح ضاعفا بشكل كبير عمالة الأطفال في البلاد". مضيفة أن هذه الأوضاع دفعت "كثير من الأطفال للعمل بهدف الحصول على لقمة العيش لهم ولأسرهم، خصوصًا تلك الأسر التي فقدت معيلها جراء الحرب".

وإضافة إلى ذلك، تقول منى البان، إن "الوضع المعيشي المتدني لليمنيين لا سيما النازحون منهم، والتدهور الحاد للعملة الوطنية، وارتفاع أسعار المواد الأساسية، وزيادة نسبة الفقر، كلها عوامل ساهمت بشكل واضح بدفع الكثير من الأسر أطفالها للعمل".

وشددت البان، على أهمية تكاتف الجهود لحماية الطفل اليمني من هذه الظاهرة. مشيرة إلى أن "بقاء الأطفال بعيدًا عن مقاعد الدراسة، سواء في سوق العمل أو الشوارع، ينذر بالكثير من المخاطر مستقبلًا، كارتداد الأمية وانتشار الجرائم والعصابات المنظمة".

وبشأن الحد من هذه الظاهرة، ترى البان، أن هذا "يتطلب وضع آلية متكاملة من عدة جهات، تشمل وزارة التربية والتعليم من خلال تقدم تسهيلات لتسجيل الأطفال في المدارس، وعدم تنفيرهم بسبب فقدان وثائقهم جراء النزوح، ودور وزارة الإعلام بتسلط الضور أكثر على هذه الظاهرة، والحد منها، ورفع مستوى الوعي بخطورتها، والتركيز على أسوأ أشكال عمل الأطفال التي حددتها اتفاقية منظمة العمل الدولية رقم 182 وصادقت عليها اليمن عام 2000، وكذا دور وزارة الأوقاف في مواجهة هذه الظاهرة وبالأخص في المناطق الريفية التي تنتشر فيها الأمية.

المسؤولة الحكومية منى البان، شددت على "تفعيل دور منظمات المجتمع المدني في مكافحة عمالة الأطفال كونها أكثر التصاقا بالمجتمع، من خلال توفير المشاريع الصغيرة للأسر، وكذا تدريب أمهات الأطفال العاملين والشباب القادرين على العمل، وتمكينهم من إدارة مشاريعهم الخاصة لانتشالهم من الفقر وإبعاد أطفالهم عن سوق العمل.

موكدة أهمية الدور الكبير الذي تلعبه المنظمات الدولية في الحد من هذه الظاهرة، من خلال التنسيق مع وزارة التخطيط والتعاون الدولي، عبر الصندوق الاجتماعي للتنمية، لتحقيق نتائج إيجابية في هذا الجانب، وتوفير بيئة آمنة ومستدامة لنمو الأطفال في اليمن وتحسين حياتهم.