أطفال بلا هوية وطنية

يوليو 8, 2025 - 17:06
 0  10
أطفال بلا هوية وطنية

مقال/ عُلا السفرجل

أطفال اليمن اليوم هم مستقبل الوطن وشبابه بعد عام 2030، فكيف سيشرق الغد وهم بلا وعي أو طريق ممهد، مع تعليم هش ومناهج تعود إلى القرن العشرين، لا تواكب الرقمنة والذكاء الاصطناعي، بين الورقة والحبر والقلم الرصاص، ومعامل فارغة من تكنولوجيا العلوم؟

إلى أين ستكون رؤيتهم للمستقبل مع هواتف ذكية يتنقلون بها بين الألعاب الإلكترونية المجردة من القيم والتعلم، أو إلى يوتيوب و"ريلز" الكبار، وقنوات الأطفال الفارهة المليئة بعفن العصر؟ لا ينتهي البؤس عند هذا الحد؛ فالمنزل والشارع لم يعد لأيٍ منهما قيمة تُذكر في التربية وصناعة الشخصية، بل يعيش الأطفال مع والدين وعائلات تمنحهم الهواتف فقط لأخذ قسط من الراحة أو أثناء المقيل، وينتهي يومهم بمتابعة الأخبار ومشاهدة مشاهد العنف والدمار على القنوات.

ومع كل ضغطة للأب أو الأم، ومع سماع الأطفال حديث الكبار عن الحرب في اليمن والمنطقة العربية، والخوض في السياسة بلا وعي، أصبحوا يشاركونهم النقاش بعفوية، ويحملون حقدًا مبكرًا جراء المهاترات في المنزل والتلفاز والشارع والمدرسة وخطب بعض المساجد. فأينما ولى أطفالنا وجوههم لا يرون ولا يعيشون سوى الدمار والحرب.

كل ذلك ولّد أطفالًا بلا هوية وطنية أو تاريخ مجيد، ولا حتى شخصية متماسكة. يغزوهم الجهل بدلًا من عيش الطفولة والبراءة. غدوا كبارًا بين أقرانهم، محللين في سفاسف الأمور، تربيهم وسائل التواصل الاجتماعي وتصنعهم الحرب بلا جدوى، فينتشر الجهل والأفكار القاتلة دون وعي أو حرص على ما يُطعمون من الواقع.

لذا، يقع الدور على المعلّم في إهداء خمس دقائق من كل حصة لطرح قضية حول المستقبل وطموحاته وأفكاره، بنقاش حول التكنولوجيا وكيفية الاستفادة منها، واستغلال الرقمنة والذكاء الاصطناعي ما دام الأهل قد أتاحوا لهم استخدامها، مع مشاركة المعلّمات والمدارس في عقد نقاشات توعوية مع الأمهات في مجموعات "الواتس آب" لحماية الأسر وصناعة مستقبل أطفالنا بمنطق التفكير السليم، وبعين الصواب، والتركيز على الحياة الحقيقية، لا الافتراضية التي تصنعها أفكار لا تتناسب مع قيمنا ومجتمعاتنا.

أطفالنا رهائن وعينا وتعاملنا معهم اليوم؛ فلا حرب انتهت، ولا جيل عرف سبيلًا للبناء والعلم، ولا فَهِمَ إسلامه ودينه وشريعته الخالصة. فلننقذهم اليوم من أجل مستقبل يمني حيّ بالسلام والألفة.