الألغام تحرم أطفال اليمن من التعليم الآمن

تشكّل الألغام الأرضية خطرًا دائمًا داخل المدرسة وفي الطريق إليها

يناير 14, 2024 - 17:16
يناير 18, 2024 - 20:15
 0  43
الألغام تحرم أطفال اليمن من التعليم الآمن
الألغام تحرم أطفال اليمن من التعليم الآمن


منصّة أطفال اليمن- تقرير خاص

"عندما عدنا إلى المدرسة، كان الجو ينذر بالسوء؛ حيث كانت هناك ألغام أرضية داخل المدرسة وفي الطريق إليها.. كان الخطر كبيراً لدرجة أنه حتى الكلب الذي دخل الفصل انفجر من لغم أرضي. تم طلاء الجدران برسائل تحذير من خطر الألغام الأرضية. فلا عجب أننا نشعر بالخوف وعدم الأمان". 

هذا ما قاله عصام (12 عاماً) وهو طالب يمني في مدرسة "تأثرت بشدة بالحرب" في حديث لمنظمة (Save the Children). 

بينما تتحدث لينا (12 عاماً)، وهي طالبة بذات المدرسة، عن الظروف الصعبة التي يواجهها الطلاب بسبب وجود الألغام الأرضية. وعن وضع مدرستها قالت: مضى وقت طويل منذ أن أتوا وزرعوا الألغام، وللأسف سار بعض الناس في الطريق وداسوا عليها رحمهم الله". 

دمرت الحرب أجزاء من مدرسة عصام ولينا، ولم يتبق سوى ستة فصول دراسية في المبنى المتضرر يمكن أن يستخدمها الطلاب. وتشكّل الألغام الأرضية خطرًا دائمًا داخل المدرسة وفي الطريق إليها. 

رغم هذه التحديات، فإن كلاً من عصام ولينا مصممان على النجاح ويطمحان لأن يصبحا طبيبا أسنان، وفقاً لما نقلته المنظمة.

آثار مدمّرة
تصف منظمة رعاية الأطفال، والتي تعمل في اليمن منذ العام 1963، آثار الألغام والمتفجرات الأرضية على أطفال اليمن بأنها "مدمّرة" على المديين القصير وطويل المدى.

ونتيجة لهذا أصدرت تقريرًا عام 2023 بعنوان "مراقبة كل خطواتنا: إرث أطفال اليمن القاتل من الذخائر المتفجرة"، كشفت فيه عن "ارتفاع مقلق في الضحايا من الأطفال بسبب الذخائر المتفجرة في اليمن بين يناير 2018 ونوفمبر 2022. 

أوضح التقرير أن "الألغام الأرضية والذخائر غير المنفجرة تسببت بما لا يقل عن 657 حادثة قتل وتشويه للأطفال- وهو ما يمثل 1 من كل 5 ضحايا من الأطفال خال الفترة المشمولة بالتقرير". موضحًا أن عدد ضحايا الألغام الأرضية والذخائر غير المنفجرة شكل 7% من إجمالي ضحايا الأطفال في عام 2018، وارتفعت إلى أكثر من النصف في عام 2022.

وحوادث القتل والتشويه هذه هي واحدة من الانتهاكات الجسيمة الست "ضد الأطفال" والنزاع المسلح التي تراقبها الأمم المتحدة وتكتب تقارير عنها بشكل مستمر.

قالت منظمة رعاية الأطفال في التقرير إن 8 سنوات من الحرب، إلى جانب عقود من الصراع التاريخي في اليمن، خلفت "إرثًا مميتًا من الذخائر المتفجرة، ومن ذلك الألغام الأرضية، في جميع أنحاء البلاد- مما يهدد حياة الأطفال وطفولتهم ومستقبلهم".

إعاقة الوصول إلى التعليم
الألغام الأرضية طالت العملية التعليمية في اليمن بأركانها الثلاثة (المدرسة، المعلم، الطالب). وفق تقرير منظمة رعاية الطفولة، فقد "قُتل أطفال المدارس والمعلمون وموظفو التعليم وتشوهوا في المدرسة أو في طريقهم إليها، في حين تُرك العديد منهم في خوف دائم من الحضور".

وأشار التقرير إلى أن الوصول إلى العديد من المدارس أصبح "غير ممكن بعد تعرضها لألغام شديدة- أو تدميرها بفعل انفجارات الألغام الأرضية". مشيراً إلى أن وجود الذخائر المتفجرة في المدارس وحولها يؤدي إلى "تعطيل وصول الأطفال إلى تعليم آمن، وعالي الجودة، وقد يجبرهم على ترك المدرسة على المدى الطويل".

تسرب وضعف
ذكرت منظمة رعاية الأطفال أن خمسة أطفال ممن تحدثت إليهم تسربوا من المدرسة "بسبب مضاعفات إصاباتهم أو عدم قدرتهم على المشي بعد البتر". فيما "قد يُجبر الأطفال الناجون من الذخائر المتفجرة، بما في ذلك الألغام الأرضية، على ترك المدرسة لاحقًا، بسبب فترة التعافي المطلوبة، والعبء المالي على الأسر لإعادة التأهيل".

وفق التقرير فإن الإصابة التي يتعرض لها الأطفال بسبب الألغام تؤثر على قدرتهم على التعلم، خصوصاً وأنهم لم يتلقوا أي دعم رسمي من المدرسة. 

وفيما يلي نماذج لحالات إصابة تعرض لها أطفال بسبب الألغام وكيف أثّرت على قدراتهم في التحصيل العلمي، نعيد نشرها كما ورد في تقرير منظمة رعاية الأطفال:
- وصف طفل يبلغ من العمر 13 عامًا، أصيب بشظية في الجسم والوجه، بأنه غير قادر على فهم المعلم في المدرسة. وذكر آخرون أيضًا أن المضاعفات المستمرة لإصابتهم منعتهم أحيانًا من الذهاب إلى المدرسة، مما يعني أنهم بحاجة إلى مساعدة إضافية في الكتابة والمراجعة. 
- فتاة، 8 سنوات: لم أعد أستطيع الكتابة لأن يدي اليمنى بترت. عندما أكون في المدرسة، يضحك علي بعض الطلاب في المدرسة.
- فتاة، 9 سنوات: تأثرت عيني اليسرى وقطعت أصابعي. لم أعد قادرًا على الدراسة لأن عيني تؤلمني، وحتى العين الأخرى تأثرت. أتذكر قبل إصابتي، كنت أحصل على درجة ممتازة، وكان ترتيبي من بين الأوائل.

مخاطر وتوصيات
تشير منظمة رعاية الأطفال في تقريرها إلى مخاطر قد تحدث للمتضررين من الألغام في المدارس، ومنها أن "يؤدي عدم كفاية الوعي بالإعاقات والآثار طويلة المدى للإصابات بين المعلمين وزملائهم التلاميذ إلى التمييز والعزلة والتسرب من المدرسة". 

أيضاً "قد يؤدي عدم الالتحاق بالمدرسة إلى زيادة مخاطر انخراط الأطفال في أنشطة كسب العيش، مثل رعاية الماشية وجلب الحطب- مما يؤدي بدوره إلى زيادة مخاطر تعرضهم للذخيرة المتفجرة، بما في ذلك الألغام الأرضية". 

وتشدد المنظمة على ضرورة أن "تتضمن خطط وسياسات التعليم الوطنية الأنشطة التي تعزز الدمج والتسهيلات للأطفال الناجين وتدعم التعليم الآمن والجيد".

وعن مسؤولية هذا الوضع، تقول منظمة رعاية الطفولة إنه رغم توقيع "سلطات الأمر الواقع" على خطة عمل الأمم المتحدة في أبريل 2022 لإنهاء ومنع الهجمات على المدارس، وغيرها من الانتهاكات الجسيمة لحقوق الأطفال. وكذا تأييد الحكومة المعترف بها دوليًا لإعلان المدارس الآمنة في عام 2017، والتزامها بحماية التعليم من الهجمات والحد من استخدام المدارس للأغراض العسكرية إلا أن هذا "لم يُحرز سوى تقدم ضئيل في تنفيذ هذه الالتزامات".

أوصت المنظمة "سلطات الأمر الواقع" والحكومة بالتوقف فوراً عن استخدام الألغام والوفاء بجميع التزامات اتفاقية حظر الألغام المضادة للأفراد، بما في ذلك وقف إنتاج الألغام وتطهير المناطق الملغومة ودعم رعاية الأطفال الضحايا وإعادة تأهيلهم وإعادة إدماجهم". موصية بضمان محاسبة المسؤولين عن إلحاق الأذى بالأطفال، وضمان حصول الضحايا على الإنصاف المناسب.