كيف أثرت الحرب والتغير المناخي على الصحة النفسية للأطفال؟

نوفمبر 23, 2025 - 21:47
نوفمبر 23, 2025 - 21:54
 0  5
كيف أثرت الحرب والتغير المناخي على الصحة النفسية للأطفال؟

تقرير: رحمة الحكيمي

في بلد أنهكته الحرب المستمرة منذ سنوات، يقف الأطفال في الصفوف الأولى لدفع الثمن الأكبر، فالحرب والنزوح، إلى جانب آثار التغير المناخي من جفاف وارتفاع درجات الحرارة وتدهور البيئة، تصنع واقعاً خانقاً تتشكل فيه طفولة مليئة بالخوف والقلق وفقدان الأمان.

هذه الظروف القاسية لا تترك تشوهات على الحياة اليومية للأطفال فحسب، بل تمتد لتُحدث اضطرابات نفسية عميقة تؤثر على سلوكياتهم وتفاعلهم الاجتماعي ونموّهم العاطفي.

أطفال في قلب العاصفة… تجارب قاسية وذكريات لا تُنسى

تعكس شهادات الأطفال الواقع المظلم الذي يعيشونه، أحد الأطفال الساكن في محافظة مأرب بمخيم النازحين  يروى لحظات الهلع التي عاشها لحظة تعرض منطقته لهجوم مفاجئ، مؤكداً أنه ما يزال يتذكر أصوات الانفجارات كأنها حدثت بالأمس يقول بصوت مرتجف إن شعوره بانعدام الأمان أصبح جزءاً من يومه، وإنه لا يجد من يتكلم إليه بما يشعر به سوى والدته، التي يعتبرها الملاذ الوحيد.

أما والدته، فتؤكد أن ابنها لم يعد ذلك الطفل الهادئ الذي كان عليه قبل الحرب، تصف تحوله بقولها: "أصبح يخاف من أي صوت مرتفع، ويتوتر من المجهول، ويحمل هموماً لا تناسب عمره، لم يتلق أي دعم نفسي، وكل ما نتمناه أن تنتهي الحرب ليشعر الأطفال بأنهم يعيشون حياة طبيعية مرة أخرى."

هذه الشهادات ليست حالات فردية، بل تمثل نماذج واسعة لما يمر به آلاف الأطفال الذين وجدوا أنفسهم ضحايا مباشرة للحرب وتبعاتها.

التغيّر المناخي يزيد الاضطرابات النفسية تعقيداً

لا تقف التحديات عند الحرب وحدها، بل يؤثر التغيّر المناخي بشكل غير مباشر على الصحة النفسية للأطفال فالجفاف ونقص المياه وتغيّر الفصول بشكل غير مألوف، كلها عوامل تزيد من الضغوط النفسية لدى الأسر، ويترجمها الأطفال في صورة: اضطرابات في النوم، شعور بعدم الاستقرار، وخوف من المستقبل، قلق مرتبط بتدهور البيئة المحيطة، وبكاء متكرر وتغيّر في السلوكيات اليومية في هذه الظروف البيئية القاسية تزيد من شعور الطفل بأن العالم من حوله غير آمن، وأنه مهدد في أي لحظة.

اضطرابات نفسية تتفاقم في غياب خدمات الدعم

يؤكد الأخصائي النفسي للأطفال نبيل العمودي أن الخدمات النفسية المتخصصة ما تزال شبه غائبة، موضحاً: لا توجد خدمات واضحة ومهيكلة للصحة النفسية الموجّهة للأطفال، لكن هناك اجتهادات فردية من بعض المراكز. هي ليست مراكز متخصصة، لكنها تحاول بقدر الإمكان التخفيف من معاناة الأطفال عبر جلسات استشارية وتوعية للأسر.

ويضيف العمودي أن أبرز التحديات التي تواجه العاملين في مجال الحماية تتمثل في: نقص المراكز المخصّصة لرعاية الأطفال، وضعف التمويل والدعم للمبادرات النفسية، وغياب برامج مستدامة لمعالجة الصدمة لدى الأطفال، ونقص الكوادر المؤهلة للتعامل مع الاضطرابات الطفولية

ويشدّد على ضرورة عدم تجاهل أي إشارة اضطراب قد تظهر على الطفل، لأن التأخير في التدخل قد يجعل الحالة أكثر تعقيداً.

إن مستقبل الأطفال ليس رفاهية، بل هو أساس أي مجتمع يسعى للتعافي والبناء، ودعمهم نفسياً هو أول خطوة لتمكينهم من استعادة شعورهم بالأمان، وحقهم في حياة مستقرة بعيداً عن الخوف والاضطراب.